التفكير الايجابي

تعريف التفكير الايجابي: أورد خبراء فن تنميه الذات العديد من تعريفات التفكير الايجابي ، فعرفه بعضهم بأنه مجموعه من المهارات المكتسبة ، التي تمكن الإنسان من التغلب على مشاكله،وعرفه آخرون بأنه التفاؤل ، وقال آخرون أن التفكير الايجابي هو بداية الطريق للنجاح،فحين يفكر الإنسان بإيجابية، فإنه يبرمج عقله ليفكر إيجابياً، والتفكير الايجابي يؤدي إلى الأعمال الايجابية. أما التعريف الذى نأخذ به فهو تعريفه التفكير بأنه كل نمط تفكير يساهم فى تحديد نمط معرفه المشاكل التي يواجهها الإنسان ،أو نمط الفكر اللازم لحلها، أو أسلوب العمل اللازم لتنفيذ هذه الحلول في الواقع .
مهارات التفكير الايجابي:وقد أشار خبراء فن تنميه الذات إلى العديد من مهارات التفكير الايجابي ومنها:
اختيار العبارات الايجابية التي تساعد على النجاح، وتكرارها وكتابتها.
مراقبة الأفكار، واستبعاد السلبية منها ، لان الاستمرار في التفكير فيها سيحولها إلى عاده ، وبالتالي تؤثر سالبا على التفكير والسلوك . 
تحديد الأهداف،وترتيبها حسب أولويتها،وتحديد وسائل تحقيقها،والتمييز بين الأهداف الممكنة والمستحيلة..
اكتساب معارف ومهارات في مجالي فن النجاح وفن التفكير الايجابي. 
تجنب الانطواء على الذات.
عدم الاسترسال مع الانفعالات السالبة. 
التخلص من الأفكار السلبية و الخواطر التشاؤمية بالهدوء والاسترخاء ، والتأمل الموضوعي الذى يلغى المبالغة . 
التفاؤل .
برمجه العقل الباطن على التفكير الايجابي ، عن طريق تكرار الجمل الايجابيه، وعدم تكرار الجمل السلبية، لان العقل الباطن يتبرمج عن طريق التكرار. 
البحث عن الجوانب الايجابية لكل أمر من أمور الحياة حتى لو كان أمر سلبي .
تفادى التأثير التراكمي،لان التفكير السلبي يبدأ بالتفكير بجمله بسيطة تذكر بأخرى وهكذا حتى تشكل انفعال سلبي مستمر ، لذا فان التغلب على التفكير السلبي يتم بالتغلب على هذا التأثير التراكمي. 
إيجاد جذر المشكلة لان التفكير السلبي قد يكون مصدره عدم حل مشكله معينه ،وهو ما يؤثر سلبا على تفكير و سلوك الإنسان .
البحث عن الأدلة بدلا من الاستناد إلى افتراضات لا أساس لها من الصحة.
عدم استخدام المطلقات مثل "دائما" و"أبدا"، لأنها تجعل الموقف يبدو أسوأ مما هو عليه.
الانفصال عن الأفكار السلبية وعدم تتبعها.
استخدم أسلوب القطع لمكافحة الاجترار، فالاجترار هو التركيز المبالغ فيه على أحداث سلبية، وهو نمط من أنماط التفكير السلبي، لأنه ليس منطقيا أو موجه لحل ولكنه مجرد قلق زائد، لذا يجب مقاطعته بإجبار النفس على فعل شئ مختلف تماما و تغيير البيئة .
كتابه المشكلات لأنها تساعد على الحد منها و تنظيمها والسيطرة عليها.
التحدث إلى الآخرين، بمناقشة المخاوف ودواعي القلق مع صديق او شخص تثق به.
توسيع نطاق التفكير والخروج من الدوائر الضيقة.
الابتعاد عن الفراغ وشغل النفس بالهوايات و تطوير المهارات .
التخلص من الهموم أولا بأول.
الانتقال من التقييم السلبي الى التقييم الايجابي.
اجتناب الحديث السلبي مع الذات وتحفيز الذات وبرمجتها بتأكيدات ايجابية.
إن كل هذه المهارات السابقة الذكر لا تخرج عن ثلاثة أنماط: الأول يتصل بنمط معرفه المشاكل التي يواجهها الإنسان ،والثاني يتصل بنمط الفكر اللازم لحلها،والثالث يتصل بأسلوب العمل اللازم لتنفيذ هذه الحلول في الواقع .
أنماط التفكير الايجابي الاساسيه: ومن ناحية منهجيه فانه رغم تعدد أنماط التفكير الايجابي، فان هناك ثلاثة أنماط أساسيه للتفكير الايجابي،لان الالتزام بها هو شرط لنجاح الإنسان في حل المشاكل التي يطرحها واقعه وهي:
أولا: التفكير العلمي: ويتناول ذات المشاكل التي يطرحها الواقع المعين، لكن على مستوى جزئي عيني ،أي منظور إليها من جهة معينة ،هي البحث في قوانين التي تضبط حركه الطبيعة والإنسان، والتي لابد أن تأتي حلول هذه المشاكل على مقتضاها لتكون صحيحة، ويتم هذا التناول عبر خطوات معينة هي خطوات المنهج العلمي وهى : أولا:الملاحظة: أي مراقبة مفردات الظاهرة ورصدها خلال حركتها، ثانيا:الافتراض: أي محاولة افتراض قانون لتلك الحركة من أطوارها على قاعدة واحده في ظروف مماثلة، ثالثا:التحقق: إذ الممارسة هي اختبار مستمر لصحة القانون . و أما خصائص التفكير العلمي فهي :أولا: الإقرار بان هناك قوانين حتمية تضبط حركه الأشياء والظواهر، ومضمون الحتمية تحقق السبب بتوافر المسبب وانتفائه بانتفاء المسبب،ثانيا:عدم قبول اى فكره تفسر هذه الظواهر قبل التحقق من صدقها أو كذبها بالتجربة والاختبار العلميين ، ثالثا: التخطيط وله شرطين: عدم توقع تحقق غاية معينه دون تدخل ايجابي من الإنسان، وضرورة سبق الأحداث قبل أن تقع والتحكم في وقوعها طبقا لخطط معينه . وقد اقر الإسلام التفكير العلمي من خلال تقريره لخصائصه ، حيث قرر القران أن حركه الكون خاضعة لسنن إلهيه لا تتبدل( فلن تجد لسنه الله تبديلا ولن تجد لسنه الله تحويلا)( فاطر:43)،كما اقر الإسلام التخطيط لأنه يحث على التزام شرطه الأول بتقريره أن شيئا من الواقع لن يتغير ما لم يتدخل الإنسان لتغييره(أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، كما حث على التزام شرطه الثاني بنهيه عن التواكل .
ثانيا: التفكير العقلاني: ويتناول ذات المشاكل التي يطرحها الواقع المعين، لكن على مستوى كلي مجرد، أي منظور إليها من جهة معينة، هي الأصول الفكرية (الكلية، المجردة) لهذه المشاكل. ويتصف هذا التناول بالاتي : أولا: الشك المنهجي (النسبي): وهو شك مؤقت،ووسيلة لا غاية في ذاته ، إذ غايته الوصول إلى اليقين، أي أن مضمونه المنهجي عدم التسليم بصحة حل معين للمشكلة إلا بعد التحقق من كونه صحيح، وهو يختلف عن كل من : ا/ الشك المذهبي أو المطلق: وهو شك دائم وغاية في ذاته ،أي أن مضمونه المنهجي قائم على أنه لا تتوافر للإنسان إمكانية حل أي مشكلة.ب/ النزعة القطعية :وتقوم على التسليم بصحة حل معين دون التحقق من كونه صادق أم كاذب،ثانيا:العقلانية:ومضمونها المعرفي استخدام ملكة الإدراك (المجرد).ثالثا:المنطقية: اى أن التفكير العقلاني يستند إلى المنطق، بما هو القوانين النوعية التي تضبط حركة الفكر الإنساني ، ذلك أن حل الصحيح لاى مشكله يجب أن يستند إلى القوانين التي تضبط حركة حركه الطبيعة و الإنسان(العلوم الطبيعية والانسانيه) والفكر(علم المنطق).رابعا: النقدية : وهى الموقف الرافض لكل من موقفي القبول المطلق والرفض المطلق، والذي يرى أن كل الآراء (بما هي اجتهادات إنسانية) تتضمن قدراً من الصواب والخطأ ، وبالتالي نأخذ ما نراه صواباً ونرفض ما نراه خطأ. وقد اقر الإسلام التفكير العقلاني( الذى لا يناقض الوحي) من خلال إقراره لخصائصه ، حيث نجد نموذج للشك المنهجي، في وصف القرآن الكريم لانتقال إبراهيم (عليه السلام) من الاعتقاد بربوبية القمر إلي الاعتقاد بربوبية الشمس، إلي الاعتقاد بربوبية الله تعالي في قوله تعالى ( فلما جن عليه الليل رأى كوكباً قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين .فلما رأى القمر بازغاً قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لاكونن من القوم الضالين .فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا اكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون ) (الأنعام:76- 78)، كما حث الإسلام على التزام الموقف النقدي فى العديد من النصوص كما في قوله تعالي( الذين يسمعون القول فيتبعون أحسنه)، كما في قوله (صلى الله عليه وسلم)( لا يكون أحدكم امعه، يقول إنا مع الناس أن أحسنوا أحسنت وان أساءوا أسئت، بل وطنوا أنفسهم، أن أحسن الناس أن تحسنوا ،وأن أساءوا تجتنبوا أساءتهم)، كما حث الإسلام علي إعمال العقل (بما لا يناقض الحواس والوحي كوسائل المعرفة)، كما أشار القران إلى بعض قوانين المنطق كقانون عدم التناقض كما فى قوله تعالى( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كبيرا)
ثالثا: التفكير الديني(الاجتهاد): ويتناول ذات المشاكل التي يطرحها الواقع المعين، ولكن منظور إليه من جهة علاقتها بالمطلق الغيبي ،ووسيلة معرفته الوحي،اى هو نمط التفكير الذي يحدد فيه الوحي (ولا يلغى)نوع المشاكل التي يواجهها الإنسان ، وطريقة العلم بها ، ونمط الفكر الذي يسوغ حلولها ،وأسلوب العمل اللازم لتنفيذها.
أنماط التفكير السلبي الاساسيه: كما أنه من ناحية منهجيه فانه رغم تعدد أنماط التفكير السلبي ، فان هناك ثلاثة أنماط أساسيه للتفكير السلبي ، لان الالتزام بها يؤدى إلى فشل الإنسان في حل المشاكل التي يطرحها واقعه وهى:
أولا: التفكير الخرافي : هو نمط من أنماط التفكير المناقض للتفكير العلمي،لأنه يشترك معه في الموضوع(تفسير الظاهرة أو الظواهر الجزئية العينية)،ولكنه يختلف عنه في المنهج، فهو يقوم على إنكار القوانين الموضوعية التي تضبط حركتها أو إنكار حتميتها ، اى يقوم على امكانيه انقطاع اطراد هذه السنن الإلهية، كما يقوم على امكانيه قبول اى فكره تفسر هذه الظواهر، دون توافر امكانيه التحقق من صدق هذا التفسير بالتجربة والاختبار العلميين،كما يناقض التخطيط ، وذلك لإلغائه شرطه الأول بالسلبية والتواكل ،وإلغائه شرطه الثاني بالتجريبية والمغامرة. وقد رفض الإسلام التفكير الخرافي من خلال نهيه عن كثير من أنماط التفكير الخرافي ، التي كانت سائدة في المجتمع العربي الجاهلي : كالكهانة ( من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد بريء مما انزله الله على محمد)( رواه الطبراني)،والتنجيم (من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبه من السحر)( رواه أبو داود وابن ماجه)،والعرافة(من أتى عرافا فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاه أربعين يوما)،والتطير(العيافه والطيرة والطرق من الجبت).
ثانيا: التفكير الاسطورى: هو نمط من أنماط التفكير المناقض للتفكير العقلاني،لأنه يشترك معه في الموضوع(تفسير الأصول الفكرية الكلية المجردة)،ولكنه يختلف عنه في المنهج فهو يقوم على أولا:القبول المطلق لفكره وبالتالي الرفض المطلق للأفكار الأخرى ، ثانيا: الشك المطلق أي إنكار إمكانية التحقق من صحة أي فكرة، أو النزعة القطعية أي التسليم بصحة فكرة دون التحقق من كونها صادقة أم كاذبة، ثالثا:الاستناد إلى الإلهام أو الوجدان او العاطفة والخيال ( على الوجه الذي يلغى العقل)، رابعا: اللامنطقيه ( التناقض) . وقد رفض الإسلام التفكير الاسطورى من خلال رفضه لخصائصه،فقد رفض القران الكريم الشك المطلق الذى عبر عنه بمصطلح ريب (أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا) ،كما رفض النزعة القطعية كما في قوله تعالى (قالوا حسبنا الله وما وجدنا عليه إباؤنا أو لو كان إبائهم لا يعلمون شيئاً لا يهتدون)،كما رفض القران الكريم إلغاء العقل..
ثالثا: التفكير البدعى:البدعة اصطلاحا الاضافه إلى أصول الدين، دون الاستناد إلى نص يقيني الورود قطعي الدلالة، يقول ابن رجب الحنبلي: (ما أُحدث مما لا أصل له في الشريعة يدّل عليه ، أما ما كان له أصل من الشرع يدّل عليه فليس ببدعة شرعاً وإنْ كان بدعة لغةً)( جامع العلوم والحكم ، لابن رجب الحنبلي : 160 طبع الهند.)، فنمط التفكير البدعى يتناول ما هو غيبي مطلق، استنادا إلى الحواس والعقل ، لكن دون أن يكون محدودا بالوحي، وبالتالي فان نمط التفكير البدعى يتضمن نمطي التفكير شبه الخرافي( لأنه يخلط بين الغيب و الحواس) والتفكير شبه الاسطورى( لأنه يخلط بين الغيب والعقل).

تعريف التفكير الإيجابي:

التفكير الإيجابي هو الوعي بأهمية إستعمال العقل بطريقة فعّالة تضفي إيجابية على الحياة الشخصية أو العملية أو الأسرية. وهو إستخدام العقل البشري بكل طاقاته وإمكانياته دون وضع أي إعاقات سلبية من أفكار أو شعور أو تصرف. والتأكيد الإيجابي Affirmations والذي هو عبارة عن جمل تتضمن صفات أو أفعال بمفهوم إيجابي يرددها المرء الى نفسه لكي يعمل بها، تساعده على إتباع سلوك إيجابي. ولكي نبرز الأساس العلمي لنظرية التفكير الإيجابي وأهميته عند الفرد، لا بد من إستعراض المزيد من التحليل العلمي عن العقل البشري وعملية التفكير.

ما هو التفكير؟

التفكير هو ما يسبق الفعل الذي نقوم به أو من القول الذي نحدث به أنفسنا. "التفكير هو نشاط حيوي ناتج من العقل ويتميز بأنه تجربة ذهنية وليست فعلية يستخدم فيها المرء الرموز بدلا من الأشياء المحسوسة ويضع فروضا تخمينية ثم يقوم بتجربتها وإختبارها ليعثر على أفضلها ويتجنب مخاطر الإخفاق والخطأ والتجربة الفاشلة العملية. وأما أدوات الفكر كثيرة منها الصور الرمزية والألفاظ والذكريات والأرقام والخرائط الجغرافية والإيماءات والتعبيرات والإشارات وغيرها".

2-
التفكير الإيجابي... فكرة... فشعور... فتصرف:

لقد كتب الكثير من الكتاب وعلماء النفس الغربيين عن نظرية "نحن نتصرف على حسب ما يؤمن أو نفكر" We act as we believe ومن هنا كان هناك ضرورة وأهمية لعملية التفكير الإيجابي. ومن هؤلاء الكتاب كان "لويس تايس" Louis Tice الذي ذكرناه سابقا والذي ألف بعض الكتب عن التفكير الإيجابي. وقد أسس لويس مؤسسة، عرفة بالمؤسسة الباسيفيكية، تهدف الى مساعدة الناس على إكتشاف قدراتهم وإستخدام قدراتهم اللامحدودة والتي يحد الناس من إستخدامها بسبب تفكيرهم بطريقة سلبية في شتى الأمور والمجلات. كما أن هناك الكثير مثل نرمان فنست بيل Norman Vincent Peale الذي ألف كتاب The power of positive thinking ونابليون هل Napoleon Hill الذي ألف Think & Grow Rich وأنتوني روبنز Anthony Robins الذي ألف Unlimited Power وغيرهم ممن إهتم بعملية التفكير الإيجابي. فالمرء الإيجابي هو من آمن بقدراته وإمكانياته، ثم عمل وفقا لهذا الإيمان والإعتقاد وحصل على نتيجة يتوقعها.

ويمر التفكير الإيجابي بالمراحل التالية:
1.
الإيمان بالنفس والإتجاه أو الموقف / Belief & Attitude
2.
الإيمان بالإمكانيات / Potential
3.
تنفيذ العمل / Action
4.
النتائج / Results

كثيرا ما يكون التفكير نتيجة الإتصال communication وهو كما ذكرنا سابقا تبادل المعلومات مع الغير ويأخذ مسلكين، الأول مسلك الإصغاء، والثاني مسلك المحادثة.

والإتصال communication يكون من خلال:
-
الكلمات التي نسمعها
-
الكلمات التي نقرأها
-
لغة الجسد Body language
-
قراءة الأفكار Telepathy

ونحن نتعلم إذا كان رأي غيرنا مخالف لرأينا. والإنسان غالبا ما يجد الراحة مع هؤلاء الذين يوافقونه بالرأي ولكنه قد لا يعلم بأنه قد ينضج وتتسع مدارك عقله مع الأشخاص الذين يخالفونه الرأي. ولا يجب للكلمات التي نسمعها والتي تعكس رأي الآخرين بنا أن تؤثر على ثقتنا بأنفسنا، وذلك إذا كان رأيهم فيه بعض الإنتقاد أو التهجم.

نحن كبشر، يكون تصرفنا حصيلة تفكيرنا، كما أن شعورنا هو نتيجة تفكيرنا. ذلك لأن شعورنا من سعادة أو تعاسة هو شعور ينتج بسبب تفكيرنا بالأمور التي تواجهنا. فإن نحن فكّرنا بأي أمر بإيجابية، كان بالتالي شعورنا نحو هذا الأمر إيجابي، وإن نحن فكّرنا بسلبية، كان بالتالي شعورنا نحو هذا الأمر سلبي..
إن فاقد الشيء لا يعطيه، لذلك كان من الواجب أن تُفكر الأم تفكيرا إيجابيا لكي يكون سلوكها إيجابي وبالتالي تكون قدوة لأطفالها ولكي تربي أطفالها على نفس السلوك.

وللتفكير الإيجابي الذي يسبق أي تصرف أو سلوك ينهجه المرء الناضج دور كبير في تغيير هذا التصرف أو السلوك. فشخصياتنا تتكون منذ الصغر ويتصف سلوكنا بالإيجابية أو السلبية نتيجة التربية التي نتلقاها من ذوينا. والنظرية الحديثة، أي نظرية "التفكير الإيجابي" تعطينا فرصة أخرى ونحن كبار وتجعلنا أكثر تحكما في طبيعة سلوكنا وقادرين على تغيير هذا السلوك.

1-
الإتجاه (السلوك المعتمد على الموقف) Attitude وردة الفعل (الموقف المعتمد على السلوك) Behavior:

ونستطيع هنا القول أن هناك نوعان من الشخصيات، الإيجابي والسلبي وأننا نستطيع التحكم في تغييرهما من خلال إستخدام التفكير الإيجابي كالتالي:

Style of personalities
السلوك الإيجابي Positive attitude
السلوك السلبي Negative attitude 

وإذا تساءلنا ما هو الموقف أو التصرف Behavior وما هو السلوك Attitude نقول أن الموقف هو تأدية وإنجاز عمل ما Performance ومصدره العقل الواعي Conscious بينما السلوك هو الخبرات السابقة ومصدره العقل الباطني Subconscious.

ويختلف الموقف والسلوك لدى الطفل على النحو التالي:
(1
إذا كان الطفل محظوظا بأم واعية، وإن إستطاعت هذه الام غرز الإتجاه أو السلوك الإيجابي Positive Attitude في شخصيته في أهم مراحل حياته أي منذ الولادة حتى سن الخامسة، سيشب هذا الطفل ليصبح رجلا سعيدا، يتمتع بثقة قوية في نفسه ويكون ناجحا في حياته الأسرية والعملية. وسيكون موقفه Behavior إيجابيا لأن سلوكه Attitude يكون لا شعوريا متصفا دائما بالإيجابية.
(2
لو كانت طبيعة سلوكه إيجابي Positive Attitude بسبب وجود أم واعية كما ذكرنا أعلاه، وكان موقفه أو تصرفه سلبي سيوصف سلوكه بالسلوك السلبي الآني والإيجابي عادة. 
3)
لو كانت طبيعة سلوكه سلبية، Negative Attitude نتيجة خبراته وأفكاره المختزنة بطريقة سلبية، وكان بالتالي موقفه أو تصرفه سلبي, سيكون سلوكه سلوك سلبي.
4)
لو كانت طبيعة سلوكه سلبية، Negative Attitude نتيجة خبراته وأفكاره المختزنه بطريقة سلبية أيضا، وكان بالتالي موقفه سلبيا، إذا حاول تغيير موقفه الى موقف إيجابي مستخدما التفكير سيصبح نتيجة لذلك التغيير السلوك إيجابيا.

لذلك يتبين لنا أننا نستطيع التحكم في طبيعة سلوكنا Attitude الذي مصدره العقل الباطن من سلبي الى إيجابي، إذا نحن غيرنا موقفنا Behavior الذي مصدره العقل الواعي وذلك بإستخدام التفكير الإيجابي.

وستبدو هذه النظرية أوضح إذا نحن تخيلنا هذه القاعدة

سلوك سلبي + إدخال موقف إيجابي (تكوين عادات جديدة) بإستخدام التفكير الإيجابي = إستخراج سلوك إيجابي 

من الممكن التحكم في العادات السيئة التي تم إدخالها في السابق عند أطفالنا تغييرها عن طريق إستبدالها بعادات أخرى جيدة. وبالتالي تتمكن هذه العادات الجديدة بفعل تكرار الفكرة أو تأكيدها بإستخدام التأكيد الإيجابي Affirmations والتعزيز الإيجابي Positive Reinforcement والذي سنذكره فيما بعد من تغيير السلوك. وبالتالي يتحول السلوك السلبي السابق الذي إنغرس في شخصية أطفالنا الى سلوك وموقف إيجابيين.

وهذا النوع من التشكيل والبرمجة في إستخراج عادات سابقة سيئة وإدخال عادات أخرى جيدة، يذكرنا نوعا ما بالبرمجة في جهاز الكمبيوتر عندما نستخرج نتيجة ما نُدخل.

إن البحث العلمي يؤكد لنا بأن المرء العادي كثيرا ما يُحدِّث نفسه أي يُفكر بينه وبين نفسه. وتكون أكثر هذه المحادثة للنفس أو التفكير محادثة سلبية أو تفكير سلبي. ويكون التخيّل أو التصور المبني على أساس هذا الحديث الذي يحدث به المرء نفسه سلبيا. وبالتالي، يأخذ التصرف المتّبع أو السلوك موقفا سلبيا ليصبح ذلك وكأنه دائرة فارغة متكررة Vicious Circle .

وفي تشبيه العقل البشري بجهاز الكمبيوتر، نقول: "نحن لا نستطيع أن نمحي ما قد سُجل ولكننا نستطيع أن نختار وقف إعادة تشغيله". أي أننا نستطيع وقف الإستمرارية في إتباع ما قد سُجل سابقا. وسلوك المرء Attitude ما هو إلا نتيجة تصرف مبني على أساس إعتقادات مصدرها شيئين تغيير موقفنا السلبي إذا غيّرنا محادثة النفس والتخيل الذاتي من سلبي الى إيجابي.

وهكذا أيتها الأم لديك الخيار في رسالة تربيتك لكي ينشأ طفلك متمتعا بطبيعة السلوك الإيجابي منذ الصغر، متفادية بذلك الجهد والمشقة في بذل المحاولات لإستبدال أفكاره السلبية بأفكار إيجابية.

نحن نستطيع تغيير تصرفات أطفالنا كما قلنا سابقا من خلال عملية تكرار تفكيرهم في تصرف إيجابي الى أن يصبح عادة متأصلة في أذهانهم، وبذلك نعيد تشكيل تفكيرهم. وهذا ما يعطينا الأمل إذا نحن أخطأنا كأمهات وآباء في برمجة سلوك أطفالنا Attitude والذي عادة ما يكون من سن الولادة الى حد الخمس سنوات أن نصحح ذلك من خلال إدخال أفكار وعادات إيجابية فنستخرج بذلك الأفكار والعادات السلبية. وبفضل التكرار المتواصل والوعي الكامل بأهمية عملية التغيير، سيصبح سلوك وموقف أطفال الجيل الجديد إيجابيين وكما نريده.

2-
أهمية غذاء الفكر لدى الطفل وبناء عقل سليم:

ليس بالخبز وحده يحيا الأطفال. إن الطفل بحاجة لغذاء الفكر كما هو بحاجة لغذاء الجسم وغذاء الفكر هو الأساس لبناء عقل سليم.

كثيرا ما كنت أتساءل متى يا ترى يكون الطفل في حالة التفكير مع نفسه وبمعنى آخر في أي سن يبدأ محادثة نفسه أو التفكير بأي شيء. أعتقد بأنه يفكر في أيامه الأولى وتكون تصرفاته وحركاته هي نتيجة تفكيره وهو طفل رضيع. فعندما يأتي موعد نومه وتضعه أمه في السرير المجاور لها، يرفض هذا الطفل الرضيع أن يأوي الى النوم إلا وهو في حضن أمه. وذلك لكونه إعتاد النوم في حجرها منذ اليوم الأول لولادته. فهو يبكي ويصيح حتى يتحقق له ما اعتاد عليه. عندما تحنو عليه الأم وتضعه في حجرها تراه يخلد الى النوم فورا. ويكون هذا أول جزء من برنامج العادات والتصرفات التي أُعدت وإنغرست في ذهنه. وتكون الأم هي أول من ساهمت في برمجة فكره.

فهذا الطفل الرضيع، كان أول ما فكر وحدّث نفسه به هو... "لن أستطيع النوم بمفردي، أريد حجر أمي". وأول ما تخيل وتصور هو... وجوده في حجر أمه وضمه الى صدرها. وأول عاطفة شعر بها هو حنان أمه والدفء والأمن عندما ينام في حجرها والتي هي الإحتياجات الأساسية في هذا السن.

وننتهي بنتيجة أن الطفل في هذا السن يستطيع أن يفكر وتفكيره هو نتيجة تأثره بالبيئة وبمن يحيطون به عامة وتأثره بالوالدين خاصة.

إن أرادات الأم أن تغير من العادات والتصرفات الذي اعتاد عليها طفلها، عندما يتعدى الأشهر الأولى من عمره فلا بد من أن تغير

من برمجة هذا التصرف وذلك عن طريق العزم على أن لا ينام طفلها إلا في سريره مهما طال بكائه وصياحه الى أن يتعب ويخلد الى النوم. وإن كررت هذا على مدى ثلاث أيام، فسوف يتعود على النوم بمفرده وفي سريره. فالعادات التي يتصف بها الطفل ما هي إلا نتائج برمجة تفكيره نحو تصرف معين.

يشتد تأثر الطفل في السنة الثالثة أو الرابعة من عمره، بوالديه ويتأثر بكل ما يسمع من قول جارح ويرى من أمر مؤلم أو يأمل في أمنية غير قابلة التحقيق ليختزنه في اللاشعور. كل هذا يؤثر على تفكيره وبالتالي ينعكس على تصرفاته مستقبلا.

وعندما يتعدى الطفل السن الخامسة ويدخل المدرسة، يشتد تأثره بالمدرسات ويأخذهن مثله الأعلى. ويتأثر بكل ما يواجه به من خبرات مؤلمة في المدرسة وكل ما يسمعه من ملاحظات جارحة تبديها المدرسات إتجاهه، ليختزن ذلك كله في اللاشعور ويؤثر أيضا على تفكيره وبالتالي سلوكه ليس في المدرسة فحسب ولكن في الحياة عامة.

إن العقل الباطن أو اللاشعور لا يستطيع التمييز بما يسمعه من ملاحظات شخصية نحوه فهو لا يميز إذا كانت تلك الملاحظات عنه

صحيحة أم لا. وبالتالي نرى أن الطفل، لا يبذل جهدا لكي يتساءل إذا عليه أن يصدق تلك الملاحظات أو يرفضها. فهو يتقبل كل ما يُقال عنه أو ما يوصف به. والعقل الباطني هو كالإسفنجة يمتص منذ الصغر الخبرات وتتركز في الأفكار، مؤلمة كانت أم غير مفرحة، سلبية كانت أم إيجابية.

وإذا حصل وتأثر العقل الباطني بالأفكار السلبية سواء عن طريق محادثته لنفسه أو محادثة الغير له عند مقارنته بغيره، وأصبح الطفل ينظر الى نفسه نظرة سفلى، فقد الثقة بنفسه وبإمكانياته وقدراته في المستقبل. مثالا على ذلك عندما تقول الأم لطفلها: "لست ذكيا كأخيك" أو "لست شجاعا كأبيك". هذه الملاحظات، إذا هي إختزنت في ذاكرة العقل الباطني، أصبحت شيئا واقعيا وحقيقيا في تفكير الطفل وأصبحت جزءا من برنامج تفكيره، وتكون الأم قد ساهمت في برمجة تفكير طفلها ولكن للأسف بسلبية.

3-
تعزيز التفكير الإيجابي من خلال تكرار الفكرة:

إن الأفكار السلبية أو العقد النفسية تتكون لدى المرء بالغا كان أم طفلا نتيجة تفكيره بشيء سلبي مرة أو أكثر من مرة وذلك التكرار يُكون فكرة سلبية أو عقدة نفسية تترسخ لديه ويظهر أثر هذا التصرف الذي يسلكه من خلال الواقع. وقد لا يكون التخلص من هذه الفكرة أو العقدة ممكنا إلا عن طريق إستبدال تلك الفكرة المتركزة في الخبرات الشخصية للفرد الى فكرة إيجابية.

إن الأفكار السلبية إن وجدت، يجب أن لا يستهان في إستبدالها بأفكار إيجابية لأنها إذا هي ترسخت، فستغيّر مزاج المرء وبالتالي سلوكه. لذلك من المهم للمرء أن نساعد نفسه بنفسه بزرع الأفكار الإيجابية عن طريق تكرار الجمل الإيجابية Affirmations عندما يُحدث نفسه فيقول مثلا، إذا كان إنسانا أنانيا لا يحب إلا نفسه: "إنني أحب الغير وأحب مساعدة الغير دائما" أو يقول: "أنا أحب أن أراعي مصالح الغير مثل مراعاة مصالحي". أو يقول: "أنا أحب أن أساعد من يكون في ضيقة". أو إذا كان إنسان يشعر بالفشل يقول "أنا أستطيع النجاح بأي عمل أقوم به". أو "أنا أستطيع أن أتقن أي عمل أقوم به".

وهنا تظهر أهمية دور الأسرة وخاصة الأم لأنها تستطيع تجنب أن يتصف طفلها بالسلوك السلبي، من خلال زرع الأفكار الإيجابية في عقله الباطني فتكون بذلك أما تكثر مديح طفلها بدلا من إهانته وتجريحه أمام الغير. ولتكون أما تظهر له خفايا طاقاته وإبداعاته بدلا من السخرية منه عند محاولته للقيام بعمل ما. ولتكون أما تثني عليه عند مساعدته لها في أي عمل فتظهر له بذلك أهميته كشخص مهم بدلا من إهماله وعدم مراعاة وجوده.

وبذلك نستطيع نحن الأمهات أن نمحي من مجتمعنا إحتمال وجود أطفال ذوي نفسيات محبطة، وأطفال عديمي الثقة بالنفس لا يرون تشجيعا لأي محاولة أو أي إبداع. لنقوم نحن الأمهات اليوم بعملية العلاج النفسي الوقائي Preventive Psychotherapy ونجنب أطفالنا معاناة نفسية فنخلق بذلك جيلا يتمتع بالصحة النفسية كتمتعه بالصحة الجسدية.

إن الأطفال يتأثرون بالعالم من حولهم ويتم بلورة تفكيرهم أولا في البيت ثم في المدرسة. ويكون تفكيرهم نتيجة رأي الغير بهم لشدة تأثرهم في السنين المبكرة بنظرة الغير إليهم. فتكون نظرتهم الى نفسهم ليست إلا نتيجة وإنعكاسا لنظرة ورأي الناس بهم.

هناك الكثير من الناس الذي لا يراعون من حولهم الأطفال فنراهم يقومون بالمقارنة بن الأخوة والأخوات أو بين الأطفال وأصدقائهم، كمقارنة الجمال أو الذكاء أو غير ذلك من الصفات. وهو لا يدرون أنهم بذلك يفقدون الطفل ثقته بنفسه وبأنهم بذلك يساهمون في الحد من إبداعه وتحقيق ذاته. وقد تصبح الصفات التي يتصف بها من قبل الكبار خاصة إذا تكرر ذكرها، دمغة على جبينه وإعاقة في إمكانية إبداعه، تحد من تقدمه في الحياة العلمية والعملية عندما يشب رجلا كان أم إمرأة.


تعليقات

المشاركات الشائعة