صوت الخيام ...



صوت الخيام ...

منذ خاض الأسرى  أول تجربة فلسطينية للإضراب عن الطعام في السجون الإسرائيلية، في سجن نابلس في عام 1968،الذي استمر ثلاثة أيام؛ احتجاجاً على سياسة الضرب والإذلال التي يتعرضون لها إضافة إلى المطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية والإنسانية. وتوالت بعد الإضرابات بعد ذلك، فلا يكاد يخلو عام من الأعوام من تجربة إضراب يخوضها الأسرى في السجون .
وقد تعددت الإضرابات،إذ اتسع إطارها حينا لتكون إضرابا واسعا مفتوحا بمشاركة واسعة من الحركة الأسيرة مثل الإضراب المفتوح الذي بدأ بتاريخ 11 كانون الأول من العام 19766، إذ انطلق من سجن عسقلان واستمر حمسة و أربعين يوماً بهدف تحسين شروط الحياة الاعتقالية، إضافة إلى الإضراب المفتوح الذي بدأ في 24/2/1977 حيث استمر عشرين يوماً في نفس المعتقل، ويعتبرهذا الأضراب امتدادا للإضراب الذي سبقه.
كما خاضت الحركة الأسيرة إضرابات في سجون محددة بذاتها كإضراب سجن عسقلان بتاريخ 13 أيلول 1973 وحتى 7 تشرين الأول 1973، وقد قادت الأسيرات في سجون الإحتلال إضرابات عديدة مثل إضراب الأسيرات الفلسطينيات بتاريخ 12 تشرين الثاني عام 1984 و إضراب الأسيرات في سجن نيفي ترستا، بتاريخ 28/4/1970 الذي استمر لمدة 9 أيام.
كما قاد الكادر التنظيمي في معتقل نفحة بتاريخ 14 تموز 1980في مواجهة إدارة السجون التي هدفت سلطات الاحتلال من تشغيله عزل الكاد عن الحركة الأسيرة رغم أن السجن يتسع إلى حوالي مائة أسير.
وبرز مؤخرا بعض تجارب الإضراب الفردية إجتجاجا على سياسة الإعتقال الإدراي، والعزل، إن معركة الأمعاء الخاوية أبرز أشكال النضال المشروعة التي تلجأ لها الحركة الأسيرة خلف القضبان لانتزاع الحقوق الأساسية الخاصة بالفرد أو الجماعة، لكنه الشكل الأكثر قسوة وصعوبة ، ولم يلجأ له الأسرى إلا رغما عنهم وبعد فشل الخطوات النضالية الأخرى الأقل ألماً.
ويخوض الأسرى في سجون الإحتلال إضرابا مفتوحا عن الطعام، ويحاولون مواجهة قسوة السجن، ويستمرون في إضراب الكرامة لليوم الثامن على التوالي، ويتسع نطاق الإضراب المفتوح هذا ليشمل ألفا وأربعمائة أسير يتحدون في القالب الجمعي الأكبر فلسطين، حيث تنصهر إنتمائاتهم الفصائلية الضيقة، ويجمعهم الوطن واتحاد الرؤية، واجتماع الهدف.
 حيث يأتي هذا الإضراب احتجاجاً على المعاملة الإسرائيلية القمعية ،غير الإنسانية التي تقوم مصلحة السجون في إسرائيل بحق الأسرى، إضافة إلى استعادة الزيارات المقطوعة وانتظامها، وإنهاء سياسة الإهمال الطبي، وإنهاء سياسة العزل، وإنهاء سياسة الاعتقال الإداري، والسماح بإدخال الكتب والصحف والقنوات الفضائية، إضافة إلى العديد مطالب حياتية أخرى.
وتنتشر في الميادين خيم الإعتصام التي تنتصب استجابة لصوت أبناء الوطن من الأسرى، وتستمر الفعاليات الاعتصامية والاحتجاجية في مواجهة الإحتلال، إذ يشهد الشارع مشاركة واسعة من كافة أبناء الوطن، فالخيمة ليست مكانا لأم الأسير وذويه فحسب، هي مكان لكل شخص فلسطيني يسجل بحضوره ووقوفه موقفا واضحا رافضا لسياسة الإحتلال، ومساندا للأسرى في إضرابهم،كما أن هناك العديد من الحشد الشعبي والفكري والثقافي الذي يمارسه كافة أبناء الوطن، فالكاتب والشاعر يسجل حضوره شعرا وكلمات يقدم بها موقفه، والفنان ورسام الكاركاتير يسجل إعتراضه في صوت الألوان، ويقدم الموسيقي في صوته صدى اشتياقنا للحرية، ويثبت المعلم والطالب بحضوره اتساع مساحة الوعي في الجيل الفلسطيني، هكذا نسمع جميعا صوت الخيام، وهكذا يصل صداها مقتحما برد جدران السجون .

اللوحة للفنان التشكيلي حسن اللحام 

تعليقات

المشاركات الشائعة