سلوى شقير .... قوى التعبير .... قوة التغيير


سلوى شقير .... قوى التعبير .... قوة التغيير

يتمثل الفن لسلوى روضة شقير واقعية مفرطة استكشفت من خلالها البنية والمعاني الكونية، والتحولات الذاتية والمجتمعية. و أنجزت العديد من المنحوتات والمخططات المعمارية، والنوافير وبرك المياه، والأدوات المنزلية، والحلي. أطلق النقاد، الذين سعوا لربط أعمالها بمدارس فنية في باريس وبيروت وبغداد والقاهرة، من الخمسينات إلى الثمانينات، تسميات مثل "التجريدية" و"الحداثة" و"الهندسية" و"التشكيلية الجديدة" و"العربية ـ الإسلامية" على أسلوبها، حيث صممت كلاً من أعمالها بما يجعله مؤثراً على الصعيد الاجتماعي، عن طريق تحفيز الجمهور على رؤية انعكاسه الذاتي في هذه الأعمال.
سلوى .. الذات والهوية :
ولدت سلوى روضة شقير في بيروت، في 24 حزيران من عام 1916، وهي ثالث أبناء سليم روضة- الذي كان يعمل صيدلياً - ولزلفا النجار، المرأة المثقفة، توفي والدها سليم الروضة خلال خدمته الإلزامية في الجيش العثماني سنة 1917، بينما حافظت والدتها زلفا على مستوى معيشي مريح لعائلتها، واستفادت من الفرص التعليمية الجديدة و شاركت في تحركات تحرير المرأة والتيارات القومية. فأكمل أبناؤها الثلاثة تعليمهم الجامعي وبرزوا في المجالين الاجتماعي والنضالي.
التحقت شقير بالكلية الأميركية للبنات (الجامعة اللبنانية الأمريكية حالياً ) في بيروت من 1934 إلى 1936 ودراست العلوم الطبيعية. التقت في تلك الفترة بالفنان والمثقف مصطفى فروخ وترددت إلى النادي الفني الذي أسسه، في الجامعة الأميركية في بيروت. واصلت شقير تدريبها الفني في بيروت مع عمر الأنسي، الفنان المحلي البارز في مجال المناظر الطبيعية والرسوم الشخصية، وهو ما مثل مدرسة "الواقعية، الكلاسيكية" التي تميزت بها .
فرشاة بألوان مدروسة :
امتنعت شقير عن ممارسة الفن بصورة احترافية حتى الثلاثينات من عمرها، ويعود هذا إلى إصرارها على إدخال الفن إلى الأماكن العامة والحياة المنزلية بشكل فني لائق يحاكي وعي المجتمعات. بعد فترة من التدريس في كركوك، والتجوال في الإسكندرية والقاهرة، عملت شقير سنة 1944 أمينة مكتبة في الجامعة الأميركية في بيروت.
سلوى شقير .... ريشة سياسية :
التحقت شقير بمجموعة من المناضلين القوميين العروبيين (النادي الثقافي العربي)، في الجامعة الأمريكية ،وقد ضم النادي أعضاء مثل قسطنطين زريق وجورج حبش، وكان واحداً من العديد من المنظمات المحلية التي تدير نقاشات منتظمة حول معنى الاستقلال (الذي تحقق في 1943) والحرب في أوروبا. نظمت شقير كذلك سلسلة من المحاضرات حول الفن بين عامي 1947 و1948، وكانت تعتبر أن تذوق الفن يحسن حياة الأشخاص اليومية من خلال زيادة اهتمامهم بالتناسق، والنِّسب، والنزاهة، والجودة، في كافة تفاعلاتهم الاجتماعي.
الفن كوسيلة لتقييم الشعوب والارتقاء بها:
تؤمن شقير أن الحضارة العربية الإسلامية تتفق مع الاحتياجات العالمية المعاصرة. وفي حيث تقول إن التقاليد المعروفة لعلماء الصوفية، والتقليد السردي للأدب العربي ما قبل الإسلامي، أثبتت أن العرب طوروا فهماً فريداً للوجود، يتجاوز الخضوع، المقبول عموماً، للقيود الزمانية والمكانية ،و دمج القومية العربية مع النزعة التنموية الحداثية وأفكار النسبية الثقافية، من "الترف" الفني السائد في أوساط نساء الطبقة المقاولة في لبنان المستقل، نحو ذروة الفن المحترف والكوني.
سعت شقير إلى تجسيد مبادئ في الشكل الفني تستطيع أن تولد تفاعلات شاملة، على نطاق كوني، وتمثل، في الوقت ذاته، وقائع آنية ومعينة في تجربة المشاهد الفورية. شكلت إمكانية ميكانيكا الكم في تفسير الاحتمالات التي لا حصر لها والوقائع المنفردة في وقت واحد، عنصراً هاماً في التعبير الذاتي لدى شقير. وفي بلورتها "معادلات" هندسية ـ لونية، عملت كأنها إزميل عقلي ينحت مساحات يمكنها أن تدعو المشاهد إلى اختبار إمكانات لا نهائية.
الحروب ووجع الفنون :
على عادة صانعي الحروب، الذين يختبئون خلف ترسانات و أسلحة صماء، أشغلوا الوقت تدميراً يقتل الفن و يجتثه، وقد أثّرت الحرب اللبنانية التي اشتعلت في (1975 و استمرت حتى العام 1992) على أعمال شقير الفنية، حيث تم منع نصب المنحوتات في الأماكن العامة، و تم تدمير إحدى منحوتاتها الضخمة سنة 1983 .
مساهمات دولية من بيروت إلى العالم :
* في العام 1955، قامت بجولة في أكاديميات الفنون والحرف اليدوية الأمريكية، بما في ذلك أكاديمية كرانبروك (ديترويت، ميشيغان)، ومدرسة بي بيتا فاي ستلمانت (غاتلينبرغ، تينيسي)، ومدرسة بنلاند للحرف (باكيرزفيل، كارولاينا الشمالية)، ومعهد برات (بروكلين، نيويورك).
* في 1969، استضافتها الحكومة الفرنسية في إقامة لمدة عام، تلقت إثرها دعوة من صالون أيار/ مايو الباريسي للمشاركة فيه.
*وفي 1980، استضافتها الحكومة العراقية في إقامة لمدة شهر.
*في 2002 عرض الكتاب الشامل حول حياتها ومسيرتها الفنية، أول فهم إجمالي لأعمالها متعددة المواد.
* 2011 قدمت "آرتي إيست" معرضاً استيعادياً لأعمالها على الإنترنت، في إطار برنامج "الحداثات​ التاريخية" الذي تزامن مع الاهتمام الناشئ لعالم الفن دولياً بـ "الحداثات البديلة".
* 2011 معرض استيعادي أقيم في مركز بيروت للمعارض .
*2013 معرض استيعادي في تيت مودرن (لندن، المملكة المتحدة) .

تعليقات

المشاركات الشائعة