مسرحية الحصار صوت في ناقوس الوعي الفلسطيني

مسرحية الحصار صوت في ناقوس الوعي الفلسطيني
30/أيلول/ 2017
جنين - سعاد شواهنة - خاص لنبأ :- يعتبر الفن المسرحي أبو الفنون وهو أول أنواع الفنون الإبداعية ويرجع إلى أيام الإغريق والرومان، وقد تطور مع مرور الزمن . وهو واحد من الفنون ذات العمر المديد، فروح العرض المسرحي تتجدد تماما كطائر عنقاء مع كل وافد لمشاهدة العرض، ومع كل عرض جديد للعمل الفني ذاته.
يعرض مسرح الحرية خلال الأسبوع الحالي مسرحية الحصار في ستة عروض تبدأ من يوم السبت وتستمر حتى مساء يوم الخميس، ومسرحية الحصار كانت واحدة من الأعمال المسرحية التي سجلت لتاريخ فلسطيني حديث تمثل بحصار كنيسة المهد في بيت لحم وإبعاد عدد من المقاتلين المحاصرين إلى دول أوروبية و إلى قطاع غزة وذلك في العاشر من أيار في العام 2002 بعد حصار استمر أربعين يوما لتسعة وثلاثين مقاتلا فلسطينيا.
مسرحية الحصار من إنتاج مسرح الحرية ، من إخراج المخرج الفلسطيني نبيل الراعي والبريطانية زوي لافرتي و أداء الممثليين: حسن طه، ربيع حنني، علاء ابو غربية، غنطوس وائل، فيصل ابو الهيجاء، معتز ملحيس.
يقدم المخرج المسرحي نبيل الراعي نصه المسرحي الذي استوحاه من أحداث حصار كنيسة المهد، وتجارب المناضلين المحاصرين حيث تم عقد عدد من الحوارات مع المبعدين الفلسطينيين في دول أوروبا وغزة بعد مرور ثلاثة عشر عاما من الإبعاد ، وروى عدد من القصص، ففي البداية يقدم الدليل السياحي " عيسى" تاريخ الكنيسة منذ بناها الإمبراطور قسطنطين في مطلع القرن الرابع الميلادي، وصولا إلى حصارها عندما لجأ إليها مقاومون فلسطينيون لاحقهم الجيش الإسرائيلي بعد اجتياح مدينة بيت لحم،يستقبل أحد الرهبان المقاومين، وبينهم مصاب بالرصاص الإسرائيلي، لكن محاولة الاحتماء طالت ، وتخللها عدد من الاشتباكات، والجرحى، وسقوط الشهداء، إضافة إلى الجوع وأكل أوراق الشجر، وقد كان المقاومون يتلقون اتصالات من أعلى المستويات السياسية الفلسطينية ، وانتهت برسالة مكتوبة تطلب منهم الموافقة على الإبعاد إلى قطاع غزة أو أوروبا ضمن اتفاق غير واضح. أن موضوع العمل المسرحي يأتي منسجما مع الواقع الفلسطيني، إذ يعكس تجربة حديثة نسبيا، وينقل أثر هذه الأحداث على المبعدين وأهلهم، كما أن المسرح بذلك يحقق دورا جيدا في إحداث التغيير من خلال نصه المسرحي ومنصة العرض.

يبدأ قياس حجم الألم من النتيجة، هكذا جاء الصوت المسرحي إذ يبدأ العرض من النهاية تماما، و إثر مضي خمسة عشر عاما على الإبعاد حتى الآن، يجلس بعض المناضلين الفلسطينيين على كراسيهم برتابة مستعدين للإجابة على تدفق الأسئلة من صحفي لا زال يذكر قصتهم، باحثا بينهم عن شيء ما في ذاكرتهم.
يمعن العرض بواقعية في عرض المقابلة، فالمناضلين يتحدثون بطريقة هزلية، ولا يذكرون التفاصيل تماما، يتحدثون بصلابة عما يحسونه، عن الأسباب التي دفعت بهم لذلك، يتحدثون عن إيمانهم الحالي بعد ما تعرضوا له من مأزق الحصار، وما آلت إليه أحوالهم بعد الإبعاد. ( أنت بتحكي عن 12 ، 13 سنة . في أشياء علقت في المخ، و أشياء انمسحت،رح أحاول أتذكر).
إن الهوية الوطنية المنعكسة لأشخاص خاضوا تجربة ملاحقة مريرة أفضت بهم إلى حصار طويل مقلق داخل كنيسة المهد، انتهى بالإبعاد، تبدو هوية قلقة مخذولة، تجابه واقعا جديدا وحيدة، و كأنها تقف على جرف و إذ تلقي بنظرها إلى الوطن المحموم بالقلق، الوطن الذي يستيقظ كل يوم على ألم جديد.

لا زال العرض مستمرا، ولا زال ألم الإبعاد واقعا مريرا يعيشه الفلسطيني في دول الإبعاد، وهنا يبقى دور المسرح على المحك، مسرحية الحصار ليست عرضا فنيا وحسب، هي صوت في ناقوس الوعي الحي للبلاد و أبنائها وهم أبناؤها أنى كانوا.

تعليقات

المشاركات الشائعة