قصة الأطفال


قصة الأطفال 
ولما كان الطفل، في السنوات الأولى من عمره وفي روضة الأطفال، غير قادر بعد على القراءة، فإن من واجب الأم والمربية - المعلمة سردها عليه. ففي سرد القصة جمال آخر هو جمال التعبير الذي يسمو بها ويزيد من قيمتها الفنية، ويبعث فيها حياة جديدة، ويشد إليها الطفل. كذلك يمكن طبع بعض الصور على ورق من المقوى الثخين، تمثل الحيوانات والمشاهد المألوفة المسلسلة التي يعبث بها الطفل ويقلّبها، وعن طريق اللعب والسؤال يتعلم منها المفردات والجمل المفيدة.

    ويرى علماء النفس والتربية أن لكل عمر قصصاً تلائمه، وأن لكل نوع من هذه القصص سماته الميزة. وقد جعل هؤلاء حياة الطفل والمراهق في أطوار ومراحل ولاحظوا أن كل طور يهتم بنوع من القصص: فهناك الطور الواقعي المحدود بالبيئة وفيه أشكال من النماذج المألوفة من الحيوان والنبات والأشخاص، وهو بين الثالثة والخامسة. وهناك طور الخيال الحرّ ما بين الخامسة والثامنة (أو التاسعة) حتى الثانية عشرة، وطور العاطفة والغرام، من الثانية عشرة حتى الثامنة عشرة، وطور المثل العليا يأتي بعد الثامنة عشرة أو السادسة عشرة. والأطوار هذه متداخلة والأعمار المذكورة ليست إٍلا أعماراً تقريبية ولكنها تعبر عن التمايز.
    لهذا كله كان من الضروري جداً أن تتصف قصص الأطفال ببعض السمات النوعية.
    فيجب أن تروق للأذن وللعين (وللحواس الأخرى إن أمكن)، ويجب أن تؤثر في العاطفة، فتسحر نفوس الصغار، لكي تكون فائدتها أكيدة ويكفي أن تلاحظ الصغار وهم يلاحقون لاهثين قصة ناجحة حتى ندرك تأثيرها القوي.
    إنهم يتابعون مشاهد القصة بعيونهم وبآذانهم وبأنفاسهم، ويشاركون أشخاصها وجدانياً، بل إنهم كثيراً ما يشاركون الأبطال في تمثيل الحوادث. ولا شك في أن قارئ القصة أو سامعها لا يملك أن يقف موقفاً سلبياً من شخوصها وأحداثها. بل إنه يغرق نفسه في مسرح الأحداث ويتفحص ما يجري ويتخيل إنه كان في هذا الموقف أو ذاك، ويوازن بين نفسه وبين أبطال القصة فيوافق أو يستنكر أو يعجب.
    ويُستحسن أن تكون شخصيات القصة قابلة للتصديق مألوفة لدى الصغار. وهذه السمة تشمل كل أنواع القصة: التاريخية والواقعية والتمثيلية وكل قصة أخرى تعرض نموذجاً لحال بشرية يمكن أن تقع في الحياة المحيطة. لكن هذا لا يمنع من سرد قصص الجن والعفاريت التي تحتوي قيماً ومثلاً رفيعة لأنها تسهم في تنمية الخيال ومعرفة القيم النبيلة ومحاربة الشر والفساد.
    ويجب أن تراعي القصة الدقة، ومعنى ذلك أن يتقيد كاتب الصغار بالصدق، وألا يناقض نفسه أو يخالف قوانين العلم واللغة. كما يجب أن تنطوي على الصلة بما هو إنساني وأن تتصف بالأصالة ويعني ذلك أن تستمد القصص من التراث القومي والإنساني وأن تتقيد بالقيم الإنسانية والقومية وأن تحترم التقاليد والأعراف السائدة النافعة، وأن تنهل من الماضي لكي تبني المستقبل. وهذا لا يمنع أن تهتم هذه القصص بالبساطة واللغة الحية الواضحة التي تختلف عن لغة الكتب المدرسية ولغة الشارع.

تعليقات

المشاركات الشائعة