قصة شمس ... الخطوط الفنية و الصورة

شمس


 

الخطوط الفنية و الصورة: 

تتداخل الخطوط الفنية بين القصة و الصورة في حكاية شمس، وتتماهى إلى درجة تفسر بشكل منطقي أن تكون كاتبة القصة و الرسامة هي ذاتها، إذ يبدو  وكأن الكاتبة" سندس عبد الهادي" كانت تكتب وترسم بموازاة الكلمات في الوقت ذاته، فالرسومات لا تعبر عن الكلمات فحسب، لكنها تكمل الصورة التي بدأتها الكلمات، و تبتر لحظات الشرود الذهني التي قد يعيشها القارئ لبعض الوقت. 

هوية الحكاية: 

الحكاية لمن؟ تقع الحكاية في أربع و ستين صفحة بعضها ينفرد بالكلمات و كثير منها يختص بالرسومات المكملة لصوت الكلمات، وأكرر دوماً على نفسي أنني لست بالخبرة الكافية لأعرف و أصنف المعيار الزماني للقصة، و أحدد الفئة العمرية المناسبة لها، و لكني أحسست أن القصة ستكون مناسبة للأطفال بعد سن العاشرة من العمر، و أبرر هذا بالنوع الفني التجريدي سواء للرسوم أو للقصة ذاتها، فمكان القصة و زمانها إطار مفتوح لا تحده جغرافية مكان محدد، أو دولة ما، ناهيك عن الإشارات الرمزية والدلالات الإيقاعية أحياناً، والغرائبية في أطوار أخرى، بالإضافة إلى الاستخدام الجريء للألوان الداكنة والضبابية :" الأسود .... الرمادي" والاستخدام الصريح لضجيج الفزع والانفجار " بووووووووووووم" ومناقشة تداعياته الذاتية وحالة الجرح والانكسار والتشظي، وهي مفاهيم قاسية.

الضوء و العتمة:

شمس هي محرك أساسي في الحكاية، للوهلة الأولى عنت لي كلمة شمس " أشعة الشمس" والضوء المنبعث منها في عمر النهار، وهذا أربكني حيال تقليب صفحات بلون أسود داكن، و أدركت أن شمس هي أيضاً بطلة القصة التي ولدت بين الضوء والعتمة، ففكرة الرعد هي ميزان لحالة التناقض المرتبطة بالعتمة المخيفة والصوت المزمجز الذي يعقب مساحة نور هي مساحة البرق، وهو ما يشبه بدراً في كبد سماء ليل داكن، وإلى حد كبير كانت مساحة الضوء واللون الأبيض الجامع لكل الألوان مرتبطة بشمس وبكل ما تحاول بناؤه وصياغته وكل ما كانت تنظر إليه. 

الظل: 

أما الظل فمساحة كبيرة من التعايش مع الألم، ومباغتة اللحظة، الظل هو حالة قلب وتغيير لجمالية اللحظة، كان هناك جدران خرسانة طويلة، لم تبدُ بلون سيء في الضوء، لكن هناك شجر صنوبر بموازاتها، نخلة وزيتونة في محاولة لمعادلة الألم، ولا زالت الألوان حاضرة بين الأبيض و الأزرق والوردي فحتى الجدران كانت ملونة رغم أن شكلها و هندستها تشبه جدار الضم و التوسع الإسرائيلي، وكان هناك سياج أيضاً، لكن بموازاته هناك نافذة" شباك" هي إذن محاولة لمعادلة الألم، فلا ظل دون وجود مساحة من النور والعتمة، و " بوووووم" قوية وواضحة و مكتوبة فلا شيء يمكنه التعبير عنها أكثر منها ذاتها، وتسيطر الألوان السوداء والرمادية وحالة التشظي والانكسار و التفتت و السكون حيث لا كلمات تقف فوق اللون، ويستمر ذلك حتى الصفحة السابعة والعشرين. 

مساحات شفاء: 

" تنفسي بعمق واقبلي ما حصل"، هذه الكلمات المفتاحية التي تنير عتمة اللون التي لا زالت تبديها الصفحات، إذ يشكل دخول " شفاء" عنصراً مسانداً ورفيقاً نحو حالة التعافي التي يصرح بها الاسم، وربما هذا ما يبرر اللون الأبيض للكتابة بموازاة الأسود في الصفحات الأولى غالباً، وقد استمرت حالة حوار الذات هذه و مكابدة الألم الداخلي مشتعلة في روح البطلة " شمس" و مزدحمة على الصفحات حتى الصفحة التاسعة والأربعين. 

ألوان سماوية: 

أما السماء فمساحة أخرى للضوء والنجاة، وهي بيت الضوء" شمس" وبيت الليل" العتمة" وباتحاد روح الأرض" الماء" و أشعة الشمس ولدت ألوان الضوء والحياة التي غمرت الصورة الفنية للوحة، وغيرت القالب العام للصفحات ولوحات الكتاب، التي جاءت موسومة بكثير من الألوان، وكأن الكتاب مقسم بين مساحة الليل والعتمة حتى صفحة27 ومساحات التشافي من 28 حتى 49 و مساحات الضوء والحياة والأمل من 50 وحتى 64. 

شكل شمس: 

لم تكن شمس صورة لشيء محدد نقابله يومياً، بل كانت حالة مجردة تشبه الكثير من الأشياء، فهي من زجاج لكنها شمس، هي تتهشم وتتكسر لكنها تجمع نفسها و تختزن الضوء في ذاتها وتعكسه ألواناً، هي وردة في بعض الصور، لها شعر يشبه بتلات الورود، وشجرة في صور أخرى بساق طويلة، و أغصان جافة، هي باهتة وبدون ملامح أحياناً، لها وجه نحيل يبدو بعينين كبيرتين، ودون أنف أو فم مشرق بابتسامة لكنها شمس!، وجه نحيل يكاد يشبه حبة الفاصولياء الحمراء، هي من زجاج أحياناً نراها مكسورة، واحياناً لها أرجل طويلة كالنعامة، وأحياناً هي كالوردة ولكن بساقين!


تعليقات

المشاركات الشائعة