نابلس و إرث كنعان

https://fb.watch/nuLZPB1ZWm/?mibextid=Nif5oz

هذا المساء بصورة قصوى تواجه نابلس حصاراً شرساً، و في المنطقة الشرقية مستوطنون يقتحمون المكان، آليات عسكرية و جرافات إسرائيلية، شباب فلسطينيون يتصدون، و غاز مسيل، لا يسيل الدموع و يخنق الأنفاس و حسب، لكنه يقف حائلاً ضبابياً بين روح المكان الفلسطيني و ذاكرة شباب الحي، وبين واقع مشوه يحاول المستوطنون فرضه مرة بعد أخرى.







تمر الأيام ولا يكاد أسبوع من أسابيع فلسطين، أسابيع نابلس تمر واحداً بعد آخر، وفي كل منها ذكرى لمستوطنين يقتحمون المكان، و بحجة أعياد ومناسبات دينية يقضون وقتاً في ضريح قبر النبي يوسف عليه السلام، ولا تنسى دولة الإستعمار أن تعيد على مسامعنا هويتها الأولى، فهي الكيان الاستعماري الذي يتغذى على الاستيطان و التوسع و التغول في أراضي الشعب الفلسطيني منذ بدأت عهود الإستعمار القديمة، ولا يأتي المستوطنون للصلاة فرادى، إذ يأتون مدججون بقوة عسكرية و آليات عسكرية، ولا يغادرون المكان، ولا تنفض صلواتهم إلا وقت جرحوا شاباً هنا أو أصابوا آخر هناك.

https://fb.watch/ntAspyM7xM/?mibextid=Nif5oz


النبي يوسف و رحلة كنعان: 
 تبدأ خطى الأنبياء من فلسطين، أو تنتهي إليها، وفي شرق مدينة نابلس، يحكى وبحسب ما ذُكر في بعض كتب أهل العلم أنّ قبر يوسف -عليه السلام- نقل من مصر إلى نابلس، فدُفن فيها.
 ويُذكر أنّ هناك حديثاً عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- يتحدّث فيه عن قصة عجوزٍ من بني إسرائيل تَعْلم بمكان دفن يوسف -عليه السلام-، وقد ذهب إليها سيدنا موسى -عليه السلام- عندما خرج من مصر بسبب بطش الطاغية فرعون و يرد في نص الحديث عن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه ـ، أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم ـ نزل بأعرابي فأكرمه، فقال له: «يا أعرابي سل حاجتك» قال: يا رسول الله، ناقة برحلها, وأعنز يحلبها أهلي. قالها مرتين، فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم ـ: أعجزت أن تكون مثل عجوز بني إسرائيل؟ فقال أصحابه: يا رسول الله، وما عجوز بني إسرائيل؟ قال: «إن موسى أراد أن يسير ببني إسرائيل فأضل عن الطريق، فقال له علماء بني إسرائيل: نحن نحدثك أن يوسف أخذ علينا مواثيق الله أن لا نخرج من مصر, حتى ننقل عظامه معنا، قال: وأيكم يدري أين قبر يوسف؟ قالوا: ما تدري أين قبر يوسف إلا عجوز بني إسرائيل، فأرسل إليها, فقال: دليني على قبر يوسف, فقالت: لا والله لا أفعل حتى أكون معك في الجنة، قال: «وكره رسول الله– صلى الله عليه وسلم ـ ما قالت، فقيل له: أعطها حكمها فأعطاها حكمها فأتت بحيرة، فقالت: أنضبوا هذا الماء. فلما نضبوه قالت: احفروا هاهنا, فلما حفروا إذا عظام يوسف، فلما أقلوها من الأرض, فإذا الطريق مثل ضوء النهار»

وقيل إنّ يوسف -عليه السلام- طلب من قومه أن يُخرجوه بعد موته من مصر و ينقلوها إلى فلسطين، فعزم موسى على ذلك، وقيل له بأنّ عجوزاً من بني إسرائيل تعلم مكان قبره، فسألها وأخبرته أنّه في النّيل، وقام باستخراجه من القبر ودفنه في فلسطين، وقيل إنّه دُفِن في مدينة الخليل.

 هل يُجزم بمكان قبر النبي يوسف؟ تمّ فيما سبق بيان تعدّد آراء العلماء والمؤرّخين في مكان دفن سيدنا يوسف -عليه السلام-، وعليه فإنّ المكان الدقيق والبقعة بالتحديد التي دُفن فيها سيّدنا يوسف لا يمكن الجزم والقطع بصحّتها، بل تبقى من قبيل الاحتمالات الظنّية، كما أنّ ذلك لم يثبت في نصوص شرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.ولكن جاء في حديث أخرجه ابن حبان في صحيحه بشكلٍ عام أنّ سيدنا يوسف نُقل قبره إلى بيت المقدس، وهو ما جاء في قصة العجوز، ومطلع الحديث هو سؤال سيدنا موسى بعد أن احتار في مكان قبر النبي يوسف: (... فمَن يعلَمُ موضِعَ قبرِه؟ قال: عجوزٌ مِن بني إسرائيلَ، فبعَث إليها فأتَتْه، فقال: دُلِّيني على قبرِ يوسُفَ...).
 وجدير بالذّكر أنّ العلماء يُرجّحون بأن القبر الوحيد من الأنبياء والرسل المعروف مكانه تحديداً هو قبر سيّدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، أمّا باقي الرسل والأنبياء فلا يُعلم مكان قبورهم على وجه القطع والتحديد، هذا والله أعلم.

وفاة النبي يوسف عليه السلام: 
 مكّن الله يوسف عليه السلام في الأرض، وأعطاه ملكاً عظيماً، وجعله على خزائن مصر، والتقى بوالديه وإخوته بعد طول غياب، وقد شكر الله على كل ذلك، ثمّ بعد تمام هذه النّعم قيل إنّه تمنّى الموت، قال -تعالى- على لسان سيدنا يوسف: (رَبِّ قَد آتَيتَني مِنَ المُلكِ وَعَلَّمتَني مِن تَأويلِ الأَحاديثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالأَرضِ أَنتَ وَلِيّي فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ تَوَفَّني مُسلِمًا وَأَلحِقني بِالصّالِحينَ).
 وقيل إنّ هذا لا يعني أنّه تمنّى الموت، بل دعا الله -عز وجل- دعاءً عاماً بحسن الحياة وحسن الممات، وقيل إنّ يوسف -عليه السلام- أوصى في ساعاته الأخيرة قبل الموت أن يُعطى الحكم لأخيه يهوذا، ثمّ أوصى أن يتمّ إخراجه من مصر ودفنه في بيت المقدس، وهذا ما فعله سيدنا موسى -عليه السلام- عندما أراد الخروج من مصر.





تعليقات

المشاركات الشائعة