" حبيبي بيستناني عند البحر

فيلم " حبيبي بيستناني عند البحر
 "  فيلم فلسطيني من اخراج  المخرجة الفلسطينية ميس دروزة
يتناول  هذا الفيلم حكايات متشظية لشعب اختلفت رؤاه و تشتت صور وجوده في أصقاع الأرض فيلم عميق جداً يحتاج إلى صمت طويل قبل الحكم عليه أو الحديث عنه، في البحث المضني عن الطريق إلى البحر الذي يسجل جوهر الفقد الفلسطيني جوهر الغياب و الاحتلال لأراضي 1948 تقلب المخرجة صورا عديدة لفلسطين : فلسطين القدس المحتلة وكيف يرى المقدسي حالة وجوده ودوره الجغرافي والسكاني ودوره في إثبات الهوية الفلسطينية. وجاء ذلك من خلال حديث أحد الشخصيات في القدس عن طريق عودته ليلا إلى البلدة القديمة في القدس وكيف يشعر بالأمان لأنها عرينه ويشعر أنه الملك فيها. في المقابل يعرض صديقه صورتين متناقضتين لطريقة تعامل أفراد شرطة الاحتلال الإسرائيلية مع وجوده من خلال شخصية الجندي الذي يعتاد وجوه العابرين في الطريق وكأنه يصادقهم فلا يطلب إليهم إبراز أوراقهم الثيوتية وبين الشخصية الحادة في التعامل مع الوجود الفلسطيني في مدينة القدس حيث يذكر أن الإسرائيلي الحاد في تعامله يعطيه طاقة أكبر للصمود والبقاء.
   هذا الفيلم يعبر بهمس خفيض و شفافية روحانية عما يعتمل في ذواتنا وأرواحنا، عن تناقضاتنا وآلامنا وآمالنا، يصور الوجع الفلسطيني بمنطلق القوة والجرأة التي لم نعهدها من قبل في الأفلام الفلسطينية، وقد عبر عن شخوصنا الفلسطينية المأزومة القلقة متخذاً من المكان الفلسطيني المغتصب مسرحاً نتفاعل عليه ونتعايش معه، إذ يعرض الفيلم صورة الشتات الفلسطيني في دمشق وما آل إليه حال اللاجئ الذي كان يحلم بفرصة أخرى للحياة بعد تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية في سوريا، إذ ينتقل الفلسطيني اللاجئ منتظرا لجوءا آخر في السويد.
وبعرض صورة الضفة الغربية بكل ما فيها من قسوة من حواجز عسكرية و ضغوطات ناهيك عن جدار الفصل العنصري وحالة التوسع التي قام على أساسها وسلب الكثير من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967ويعرض هذا من خلال تربة بلعين ونعلين .
من ناحية أخرى عرضت المخرجة لصورة الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 وذلك من خلال صورتين متناقضتين الأولى لصورة الجيل الثاني من أبناء فلسطين المحتلة وهي صورة جاءت متقلبة مهتزة تتساءل أين هي عروس البحر؟ عن أي بيارات في يافا تتحدثين؟   ومن الناحية الثانية عرضت الشخصية الثانية صورة مغايرة إذ عرضت رؤية الجيل الأول من فلسطيني 1948 إذ قال هذه عروس البحر هنا كانت ووصفها بكل ما فيها واسترجعها من الذاكرة .
وينتقل الفيلم بنا بتوظيف المخرجة للفنون البصرية المتنوعة من رسومات وفن تشكيلي وصور فوتغرافية قديمة وحديثة تصور البطولة الفلسطينية الجديدة التي نحتاجها من قصص الأشخاص العاديين البسيطة، عدا عن حضور ثيمة الجدران والسياج بقوة، الجدران المادية والروحية؛ جدران الاحتلال وسياجه المادية وجدران مجتمعنا وحواجزه وعاداته وتقاليده وتخلفه وترهله، وجدران ذواتنا الداخلية، جدران النفس وذاتها، ومع كل هذا تسلط المخرجة بذكاء وحبكة متماسكة الضوء على قصص للألم الفلسطيني المتناثر في القدس والضفة وغزة و أراضي 48 ومخيمات الشتات، هذا الوجع الجمعي الذي سينتهي بنا جميعاً عندما نمسك الشمس / الحرية قرب البحر / الحبيب والمكان والشخص الذي ينتظرنا.
أعلى النموذج


تعليقات

المشاركات الشائعة