رام الله الشقراء

رام الله الشقراء

رواية رام الله الشقراء هي رواية صادرة عن دار الفيل للنشر والتوزيع للعام 2013  في طبعتها الأولى وتقع في 128 صفحة من القطع المتوسط  للكاتب عباد يحيى .

شكل فني مختلف.... لواقع مختلف:
عرضت رواية رام الله الشقراء صورة لمدينة رام الله الحديثة بعد مرورها بمراحل تاريخية نضالية طويلة إلى أن أصبحت مدينة مركزية تجمع الكثير من الأضداد في قالب واحد، وتحت ذات السماء، وقد اعتمدت الرواية على صور الحداثة في التواصل بين صديقين : صحفي يعمل في الصحافة الثقافية ، وباحثة في المجال الصحي.
تبادل الصديقان رسائل طويلة  من خلال موقع التواصل الاجتماعي" فيس بوك وجاء موقع التواصل مناسبة  إلا أن الرسائل جاءت بصورة الرسائل الورقية التقليدية ، فقد كان لكل منهما ما بفكر فيه، وما يرسله في رسالته إلى الآخر، يحدثه عن أصدقائه، عن أمور تستفزه، عن صور وذاكرة، عن يوميات عادية، إلا أن هذه الرسائل لم تكن كافية لرسم صورة واضحة لطبيعة العلاقة المتشكلة بين الصديقين، ولم تكن توحي بصورة لحوار ممكن أن يتولد بينهما، فهما اللذان أرسلا الكثير من الرسائل وتبادلا الكثير من الأحاديث، لم يحدث أن جمعهما مكان واحد، أو تشاركا في حديث مباشر يفضي إلى تعزيز فكرة أو تغيير صورة ما.

واقع مختلف ... ووقوف في أطلال نضال:
لقد كان مكان الرواية محصورا في بيئة رام الله التي كانت نموذجا عرض الكاتب من خلاله صورة فلسطين الزطن المتبقي بعد عمليات النضال والتسويات و الاتفاقيات المتبادلة، واتفاقية أوسلو التي عكست الرواية نقدا واضحا لها ولما أفرزته من وجود جغرافي وما فرضته من علاقات مع مؤسسات دولية وطريقة التعاطي مع المحتل بعد هذه الاتفاقية ، ناهيك عن التغير الذي أوردته الرواية لصورة المدينة أمنيا وحضاريا.
يقف بطل الرواية منفردا مغازلا الذاكرة و جدران أستوديو تصوير قديم يروي حكايات عابرين في صور رمادية، وشوارع كانت ضيقة ساكنة بهدوئها ستارا يخبئ العابرين الثائرين، وجدران ترسم الكلمات فوقها سريعا صاخبة ترسخ الهوية الفلسطينية وتنادي بنضال وتحيي روحه.

وقوف في أطلال نضال صار له صور أخرى:
يأخذ بطل الرواية صورة الصحفي الذي يروي أحيانا حكايات يسمعها، ويتتبع أحيانا حكايات لأشخاص آخرين، في ذلك يعكس صورة الفنان التشكيلي والنحات، صورة لمناضل قدم الكثير وقضى عمرا في سجون الاحتلال وخرج ليأخذ صورة أخرى تحت سماء أوسلو فيكون الفنان التشكيلي صاحب الغنى الباذخ، يعيش حبا طويلا لفتاة روسية في إشارة لانفتاح المناضل القديم على مفاهيم الحداثة والتقدم، وتهرب حبيبته في إطار استكمال حالة التناقضات التي تعبق بها الرواية.

صور أخرى لما تبقى من وطن:
يعرض الكاتب من خلال تجارب ومشاهدات يراها في سيره واقعا جديدا تحياه المدينة، إذ يرى بطل الرواية الصحفي في نشاط المؤسسات الوافدة في فلسطين نوعا آخر من الاحتلال الحديث، المؤسسات الوافدة ذات الطابع التعليمي الثقافي، كما يعرض لمؤسسات ذات طابع صحي طبي، وأخرى ذات طابع فني مسرحي. وقد تحدث الكاتب بقلق حول انخراط الطبقة المثقفة ضمن هذه المنظومة المؤسساتية، كما انتقد بعض البروتوكولات المعتمدة كأسلوب عمل فيها كتسجيل الملاحظات حول المشاهدات اليومية.   
ما تبقى من وطن و أجيال جديدة: .
اعتمد الكاتب في روايته تقنية الراوي الأول مستخدما ضمير الأنا غالبا، هكذا أرسل رسائله، وانتظر رسائل صديقته بالطريقة نفسها، وهذه الطريقة توحي بنقل نوع من التجربة الذاتية أو الرأي الفردي حول المواضيع المطروحة، سيما أن الراوي والكاتب كلاهما يمتهن الصحافة، وهذا يمنح القارئ تصورا حول الجيل الذي ينتمي إليه الراوي.
إن الراوي الذي عاش جزءا من الانتفاضة المجيدة 1987ويعيش حاليا نوعا من التناقض الحي في الواقع الحالي الذي تحياه فلسطين، يقف من كل ما يرى موقف المنتقد الذي لا يبدي رضى عن شيء، وإن كان قادرا على تفسير مواقفة، وبناء موقف خاص به، فإن شخصية الراوي عكست نوعا من السلبية حيال كل شيء انتقده، إلا أنها في النهاية عرضت خيارين فقد شخصت الراوي بين أن يبقى في صومعته وانطوائه، أو أن يخوض في السياق العام الذي أنفق صفحات عمله الأدبي منتقدا له.




تعليقات

المشاركات الشائعة