حكايتي مع الرياضيات

حكايتي مع الرياضيات

حكايتي مع الرياضيات هكذا يختار التربوي منير فاشه هذا العنوان ليضع القارئ في جوهر ضمير الأنا أمام ذاته، فحين تمسك الكتاب لتطالعه تقرأ " حكايتي مع الرياضيات " وببديهيات الذات يستعد عقلك اللاواعي حكايتك أنت مع الرياضيات ويضع بموازاة تلك التي يرويها الكاتب ،و في الزاوية الأخرى يقرر الكاتب فاشه أن يلخص قصته ببعض سطور في غلاف كتابه إذ يصف حكايته" حكاية شفائي من أوهام وخرافات حديثة واستعادة وعيي لوجودي وعافيتي وعلاقتي بالحياة والمجتمع والحضارة والطبيعة" ويضيف إذ يذيل اسمه بعبارة " تربوي متعافٍ " ، إن هذه الوسائل التي استهل بها الكاتب كتابه كفيلة بأن تجعلك تؤمن ضمنا بصدق ما سيقوله في صفحات الكتاب.
يتابع الكاتب في سياسة كسب المزيد من الوقت قبل أن يستهل القارئ بمطالعة حكاية ذاتية مع الرياضيات، فيقدم الكتاب ثم يعقبه بتوضيح، ويقف في حدود الصفحة الثانية والعشرين من كتابه ولا زال يراوح بين سرد حكايته الذاتية وعولمة قصته إلى جدلية فكرية معرفية عامة، تعكس ألم جيل كامل ، وربما أجيال متعاقبة ،هكذا تجد نفسك متابعاً بشغف لسرديات متتابعة، وغير متأفف من تكرار سرد الحدث ذاته في سياقات عديدة ومختلفة .

لم يكن مساق الرياضيات إلا نموذجاً متغيراً اختاره الكاتب ليعكس من خلاله ذلك القصور في الهيكلية التعليمية والمعرفية السائدة في المجتمعات العربية النامية ، والموروثة عن أنظمة ديكتاتورية احتلالية، إن الأنظمة السياسية القائمة والتي ورثت كينونتها وتتلمذت على يد أنظمة استعمارية طويلة الأمد ، تعمد إلى ترسيخ تبعية الجيل الناشئ للوضع الراهن من خلال تقبله للمنهاج التعليمي والصيرورة  التي يقوم عليها هذا المنهاج ، وطريقة التفكير السائدة في النظام المعرفي ، وغيرها من المسلّمات، فالحائز على درجة 100في الامتحان هو أكثر كفاءة من ذاك الحائز على العلامة سبعين، ومن لديه قدرة على الحفظ أجدر من غيره.

إن كل هذا الوضع الراهن يحول الإنسان إلى حلقة مفرغة في منظومة متسلسلة ،
ويسلبه الحق في التساؤل، ويكبت قدرته على الإحسان والإجادة فيما يحسن من الأمور-إذ إن قيمة كل امرئ ترسخ فيما يحس .
ومن خلال ما يروي الكاتب من تجربة يقدم لكل قارئ نصائح واعية راسخة ، مبتعداً عن اللغة الصريحة في النصح ، تلك اللغة التي استخدمها المربون الأوائل ، أمثال أحمد أمين في رسائل إلى ولديه سارة وأحمد ، والسكاكيني في رسائل إلى ابنه 
وتأتي نصائحه:

* قدر نفسك وضعها في منازلها، فقيمة كل إنسان ماتحسنه وهكذا عرض تجربة أمه واكتشافه الكثير من المعرفة من خلال معرفتها بالحياكة.

* المعرفة تكمن بالتجربة والملاحظة ومتابعة الجزئيات البسيطة في تفاصيل الأشياء والأحداث .

*لا تقبل المسلمات وفكر ، فكل ما تظنه مسلمة كان محض فكرة .

* انتق واختر ما يناسبك ، فلكل جغرافيا ما يناسبها ، ولكل بيئة ما يحسن لها .

* تساءل واصنع الفرق.

* تأمل التاريخ وغير الواقع.


تعليقات

المشاركات الشائعة