الغول/ة ..في الحكايات الشعبية الفلسطينية

حكاية الغيلان حكاية جادة ، إذ تتركز الأحداث حول بطل أو بطلة فقيرة أو مضطهدة ، أو تتعرض لامتحان صعب تتوقف عليه الحياة ، أو حصول البطل على فتاة أحلامه، أو على دواء غريب لعزيز لديه، وبعد سلسلة من المخاطرات يقوم بها ذلك البطل بشجاعة أو يمر بها بهدوء نتيجة لطيبة نواياه أو حسن حظه، فإنه وبعد أن تلعب "الخوارق" :(وهي جزئيات ذات مضمون خارق للعادة ومثل ذلك تلك الجزئية المتكررة في الكثير من حكايات الخوارق عن قدرة الغول على حمل الإنسان إلى مكان بعيد في زمن قصير ) دورا ملموساً إذ يستطيع الغول أن يصل إلى غرضه فيحضر الدواء أو يجتاز الامتحان، وبعد ذلك، يحصل على كنز أو فتاة رائعة الجمال أو الاثنين معاً ويعيش حياة سعيدة إلى النهاية.
والغول عادة شخصية أساسية في هذه الحكايات وهو يؤثر بالإيجاب أو السلب على أحداث القصة، ويساعد على تطويرها سواء أكان في جانب البطل يعاونه ويسهل له الصعاب أم في المعسكر المعادي الذي يهدد حياة ذلك البطل أو يحول دون حصوله على مبتغاة.
وفي بعض حكايات الغيلان تبرز الغيلان التي تؤذي البشر. كأن تأكلهم أو تعيق تحركهم في سبيل مبتغاهم، أو تمعن في الإساءة إليهم. ويخوض البشر صراعاً طويلاً معهم تتخلله أعمال بطولية، وفي الجانب الآخر "الغيلان المؤمنة الطيبة وهي كالغول الشرير، من حيث القوة والمقدرة على الحركة السريعة، وحتى على افتراس الآدميين وأكل لحمهم البشري إذا لم يحسنوا التصرف، إلا أنه يكون خير عون على تحقيق ما يريد البشر .

في "حكاية الفرصة" يجلس الغول الشرير بقرب نار عظيمة ويشوي بقرة، ويهمّ الغول بأن يفتك بالبطلة التي جاءته إلى عرينه تستجديه "شقفة نار"، ولكنه يتردد ثم يعفو عنها قائلاً: "ولولا سلامك سبق كلامك لخلي الذبان لزرق يسمع صحك اعظامك"، ثم يتبع الغول فريسته حتى تصل إلى الكوخ الذي تقيم فيه مع إخوتها السبعة، ورغم أنها تغلق باب الكوخ، فإن الغول يطلب منها أن تمد اصبعها ليمصه ويفعل ذلك يومياً.ونجد أن أخو البطلة يقطع رأس الغول.

وفي حكاية فالشاطر حسن" يهاجم الشاطر حسن الغيلان ليحصل على "القلب المطلوب"، و"ماء الحياة"، و"العصفور الأزرق"، وذلك في محاولة منه لشفاء أمه وضرائرها من العمى والأمراض المستعصية، وبذلك نجد في هذه الحكاية صورة للرواد الذين فتحوا أبواب المجهول ، و هي صدى لآمال الناس وطموحاتهم لمصارعة الطبيعة، و تخطي صعوبات فوق مستوى مقدرة البشرية في مرحلة حضارية معينة مثل: جعل الأعمى يرتد بصيراً، والقضاء على الطاغية المستبد مهما كانت قوته ساحقة والتي كان الغول مجرد رمز لتلك القوة.

وحكاية الشاطر حسن تمثل الانسان الطموح الذي لا حد لمثابرته الرائعة على تحقيق أهدافه؛ فزوجة أبيه لا يمكن القضاء عليها إلا بطريقة واحدة وهي الحصول على زجاجة صغيرة تحوي عصفوراً أزرق، وإذا ما تم قتل العصفور ماتت تلك الغولة المتنكرة بلباس الآدميين، وتحفظ الزجاجة التي تحتوي على روح الغولة في قصر منيف تسكنه عتاة الغيلان، ويستطيع البطل- الشاطر حسن – فك الطوق وإحضار الزجاجة والحصول على كنز وفتاة رائعة الجمال.

تحتل حكايات الغيلان مكانة مرموقة في مجموعات الحكايات الشعبية ولا تكاد تخلو حكايات شعب من الشعوب من ذكر الغيلان ومن محاولات "لتصورها".

تعليقات

المشاركات الشائعة