التراث في الشعر الفلسطيني المعاصر

يمثل استخدام التراث وتوظيفه والبحث عن الجذور في الشعر الفلسطيني المعاصر قيمة فنية إلى جانب إسهامه 

في تجلية الهوية الثقافية الوطنية خاصة في مواجهة المخاطر التي تهدد الذات العربية الفلسطينية، فقد تعمد الاحتلال بوعي وإصرار محاربة تراثنا والقضاء على عناصر ثقافية تؤكد أصالتنا ومكاننا من التاريخ والحضارة، وقد أدرك شعراء الأرض المحتلة وغيرهم من شعراء فلسطين هذه الأهمية للتراث الشعبي ودوره الفاعل في إيقاظ الشعور الوطني والقومي وإبقائه حياً، لهذا كان اتكاؤهم على هذا التراث مما كفل التجاوب الأوسع مع شعرهم، وقدم شهادة على الاعتزاز بالموروث المشترك.

ويعد سميح القاسم من الشعراء الفلسطينيين الذين أكثروا من استلهام التراث الشعبي وبلغ به الحرص على توظيفه حد التفنن في استخدامه وجعله ركيزة هامة في شعره، واتخاذه عنصراً بنائياً للتعبير عن قضايا وطنية وإنسانية.
لقد كان التراث الشعبي واحداً من المصادر التي أغنت الشعر في فلسطين ولم يكن اعتماد الشعراء على هذا التراث نابعاً من قصور في الأداء، بل كان نابعاً من رغبة هؤلاء في التشبث بالتراث في مواجهة المحتل الذي حاول اغتصاب التراث ونسبه إلى نفسه بعد أن اغتصب الوطن). لذلك كتب توفيق زياد – وهو مع سميح القاسم – من أكثر الشعراء استخداماً للتراث الشعبي في الشعر يقول: “نحن لا ننظر إلى الأدب الشعبي المتناقل وكأنه شيء من أثر الماضي أو أيقونات نعلقها على الصدور أو أشياء أثرية أو نصوص تحفظ …. ونحن لا ننظر إليه كجثة يجب تحنيطها، ووضعها في مزاد، إنما ننظر إلى الأدب الشعبي من وجهة نظر الحاضر والمستقبل ، ففي مسيرتنا نحو الحرية السياسية والاجتماعية نحن بأمس الحاجة إلى أن نشحذ ذلك السلاح الأصيل إنه لازم لنا لنصقل به نفسيتنا حتى يزدهر كل ما هو خير وطيب بها، إن معرفة شبيبتنا وشعبنا لتراثه الفولكلوري هو أمر ضروري له ليتربى على تقاليد إنسانية ووطنية
.
ويشير سميح القاسم إلى أهمية استلهام التراث الشعبي لتحقيق أكبر قدر من التواصل مع الجماهير حيث يقول: “هذا هو هدفنا، أن نصل إلى قلوب الناس، سواء بأساليبنا الجديدة، أو باستخدام ما أبدعه الشعب من أنغام أو صياغات شعرية


تعليقات

المشاركات الشائعة