ومضات

في قلق المكان وألمه يجد رشيد  لنفسه روحا مختلفة في الأغوار المكان الذي ولد وكبر فيه، وعاش قسوته، وتعلم فيه كيف يصنع من بقائه لغة للمقاومة، يزرعها في أذهان الأطفال والشبان.
يروي دراغمة كيف وقفت مؤسسة التضامن الدولي ومركز معا التنموي ومن خلال حملات عديدة أطلقوها مثل حملة أنقذوا الأغوار في مواجهة سيل من محاولات التهجير وطمس الهوية، وقتل الإرادة في عيون الأطفال. وإذ كنت أحدثه شعرت أن لديه القدرة على السير معصوب العينين في الأغوار دون أن يتوه لحظة، أو يتعثر بحجر.
في عتمة الليل بنى رشيد وأيد فلسطينية ساهرة مئتي بيت يتذكر هذا بفخر يشوبه القلق:" استطعنا بناء مئتي بيت، في المكان الذي يمنع البناء فيه." وبتنهيدة تابع: " مئتي بيت مهددة بالهدم من قوات الاحتلال الاسرائيلي في أي لحظة لكنها صامدة."
للطوب في الأغوار حكاية أخرى، ففي المكان الذي يمنع فيه البناء ولا تتوفر فيه مدارس قريبة للسبب ذاته يقول رشيد: " يسير الأطفال مسافات طويلة للوصول إلى مدارسهم ، يمنع بناء مدرسة هنا، ولا نستطيع تعليم الأولاد في في الخيام فالصيف حار، والشتاء قاس متقلب."

يروي رشيد الناس والمكان والأغوار، ولا تخونه الذاكرة، فلا يسقط اسما لأي طفل أرقه الطريق إلى المدرسة، فتسلل منها إلى حقل نخيل، أو كروم عنب يعمل فيها، لا ينسى شيخا آلمه ظهره وهو يرعى أغنامه، ولا يغفل عن سيدة كسر مستوطن يدها إذ تملأ الماء من عين ماء قريب من بيتها علها تعود وتطهو طعاما لأطفالها. يتذكر رشيد حقول نخيل صادرها الاحتلال الاسرائيلي وفرش نفسه فيها، ومياه في جوف الأرض يمنع التنقيب عنها، محموما بكل هذا لكنه يتذكر بفخر انتصارا دوليا لفلسطين حين أوقف وبمساندة كبيرة من الأهالي والعاملين تصدير بضائع شركة كريسكو كراميل الإسرائيلية العاملة داخل مستوطنة من المستوطنات إلى الدول الأوروبية، يتذكر الأمر كأنه حدث أمس بهذا الفرح يقول : " كان هذا في العام 2010 عملنا ثلاث سنوات لنصل إلى هذا النجاح ، ورائع أن نستطيع ذلك، نؤمن، نبقى، نحيا، ونقاوم بصمودنا ، برسوخنا، الأرض والانسان هذا كل ما لدينا من سلاح لكننا باقون." 

تعليقات

المشاركات الشائعة