وديع حداد ثائر أم إرهابي

وديع حداد ثائر أم إرهابي

يشكل كتاب"  وديع حداد ثائر أم إرهابي" حالة تساؤل تحليلي يسلط الضوء على مرحلة طويلة من النضال السياسي والاجتماعي والعسكري الفلسطيني، من خلال طرح شخصية وديع حداد ووضعها في دائرة الدراسة والتأريخ من جوانب عدة.
" وديع حداد ثائر أم إرهابي" للكاتب بسام الشريف الصادر في طبعته الأولى عن دار رياض الريس للكتب والنشر في يناير العام 2014- بيروت- لبنان، كما صدر الكتاب بنسخته الإلكترونية من خلال الموقع www.arabicebook.com


وقد تميزت تجربة الكتابة عن حداد إذ جاءت من خلال أحد الأشخاص الذين واكبوا تجربته عن كثب فبسام أبو الشريف هو عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وعضو المجلس الوطني الفلسطيني وله العديد من المؤلفات مثل: أوراق أيلول، الحل السياسي، أفضل الأعداء، مدينتي بيروت، حركات التحرر والإعلام، بينيامين نتنياهو الصعود والهبوط .
في محاولة لمناقشة الجدلية التي طرحها عنوان الكتاب الذي ترك دون علامة استفهام ليترك لفصول الكتاب الإجابة على حالة التخيير التي صنعتها أم.
جاء الكتاب في تسعة عشر فصلا متنوعة، بدأت من الفردي والشخصي في حياة حداد إلى مناقشة قضية شعب، وقضية أممية من خلال مرآة هذه الشخصية، كما احتوى الكتاب على ملحقين وفهرس للأعلام والأماكن.
فلسطين البدايات الأولى:
لقد كانت فلسطين الانتماء الأكبر والأهم الذي يحمله حداد أينما حل. هو الابن الذي ولد متلبسا بالحذر منذ لحظته الأولى؛ فقد كان الطفل الثالث في ولادة شاقة، فبعد أن ظنت النسوة أن هناك صبيان فقط جاءت ولادته ليكون الطفل الثالث بعد ولادة توأميه جورج وبشير. هو ابن صفد التي عانت نكبة قاسية العام 1948 وحالة من التهجير القسري.وقد كان وديع حداد في هذا الوقت طالبا في الجامعة الأمريكية في بيروت، عاد ليزور صفد للمرة الأخيرة قبل أن يصبح لاجئا وأهله في بيروت، هناك حيث كان الطبيب الذي يعالج الأهالي ويعزز فيهم الوطن.
القومية العربية ........... الطريق إلى فلسطين:
لقد أفضى جو النكبة الفلسطينية وما تركه من أثر على الأرض وفي البلدان العربية من تدفق اللاجئين إلى ضرورة خلق تنظيم حاضن وجامع للفلسطينيين والعرب. من الجامعة الأمريكية تخرج الرفاق الذين تقاسموا الشتات وكل في شتاته بدأ بتنظيم الحركة القومية العربية. في الأردن بدأ وديع حداد وجورج حبش، وفي سوريا تولى هاني الصفدي الأمر ، وآخرون في الكويت واليمن والخليج العربي.
هكذا اتخذت فلسطين الصبغة القومية إذ شارك الفلسطينيون في نضالات الشعوب العربية نحو الاستقلال وفي كل مرة كان الفلسطيني ينظر إلى حالة الانفراج العربي على أنها أحدى اللبنات التي تؤسس للهوية الفلسطينية. شاركت الحركة القومية العربية في الجزائر، واليمن، وفي دمشق، والعراق، إضافة إلى دورها في لبنان.
تحت الصفر وفوق التورط:
آمن وديع حداد بالقومية العربية مدخلا لتحرير فلسطين، من هنا جاءت زيارته مع عدد من الفلسطينيين للرئيس جمال عبد الناصر في سوريا عام 1959 حيث اقترحوا عليه فكرة وجود قتال شعبي ضد إسرائيل، الأمر الذي لم يجد قبولا في ذلك الوقت إلا أنه أسس لوجود أول معسكر تدريبي للفدائيين في حرستا في سوريا، وأعقب ذلك تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، مما ساعد في إرسال عدد من الشباب للتدرب في الكليات العسكرية في البلدان العربية تحت إطار منظمة التحرير.
جاءت هزيمة عام 1976 لتدق ناقوس الخطر في الوعي الفلسطيني والوسائل التي يجب إتباعها لانتزاع الحقوق والحرية وتجسيد قيمة الإنسان ومبادئ العدالة وحق تقرير المصير وهكذا بدأت التدريبات بشكل أوسع في معسكرات الأردن عام 1968.
" وراء العدو في كل مكان" النضال الفلسطيني من القومية إلى التدويل:
لقد كان عام 1970 وما واجهه النضال الفلسطيني في الأردن وما عصف به من رياح خلافات داخلية الأثر في إيجاد صيغة أقوى وأكثر قسوة وصرامة في النضال إذ تميزت العمليات العسكرية بعد ذلك بالحدة وكانت في كل مكان ، كما اتخذت طابعا دوليا حيث شارك أبناء الحركة الاشتراكية في النضال من جميع أقطار العالم.
ويورد الكاتب شرحا مفصلا ودقيقا من الميدان للعديد من هذه العمليات وكيف تم الإعداد لها وآليات التنفيذ كما يورد وصفا واضحا للعقبات والمعيقات التي واجهت كل عملية ومنها عملية مطار اللد وعملية لوفتهانزا  وعملية الأوبك، طائرة العال، مطار الثورة، وغيرها.
وقد جاء عرض هذه العمليات بطريقة تعالج شخوص ومنفذي هذه العمليات، وما أحيط بها من أجواء وصراعات شخصية ومحاولات لإثبات الذات حيث ناقش الكتاب التكوين النفسي  وشخصية العديد من الشخصيات مثل كارلوس، ليلى خالد، باترك ارغوللو وغيرهم. كما التفت الكتاب إلى العديد من العلاقات الدولية التي نسجتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مع دول العالم.
وداع بنكهة حلفاء الأمس:
يتطرق الكتاب إلى اغتيال وديع حداد من خلال عرض عدد من المحاولات الإسرائيلية التي باءت بالفشل في صبرا، والروشة، وبحمدون، والصنايع، وامريكا اللاتينية، إلا أن إسرائيل لجأت للبحث عن حلفاء لها في الوطن العربي، حداد الذي حلم بالقومية العربية طريقا لتحرير فلسطين شرب فنجان قهوة بعد عشاء جمعه مع الزعيم السوري أكرم الحوراني في بغداد. كانت قهوته بنكهة السم.

وقد شيع حداد بجنازة شعبية رسمية في منطقة المسيح في بغداد.  

تعليقات

المشاركات الشائعة