مذكرات فتاة من أخفض بقعة في العالم " شجرة البونسيانا"

مذكرات فتاة من أخفض بقعة في العالم " شجرة البونسيانا"

شجرة البونسيانا هي أحدى الروايات الصادرة عن مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي للعام 2014.
للكاتبة أحلام بشارات وهي قاصة فلسطينية، ولدت العام 1975 في قرية طمون . حازت على شهادة ماجستير في الأدب العربي من كلية الآداب في جامعة النجاح الوطنية في نابلس وبدأت رحلتها في عالم الأدب والكتابة ككاتبة قصص قصيرة ففازت بجوائز عديدة في هذا المجال. وقد قامت بنشر ثلاث قصص للأطفال ورواية لليافعين هي اسمي الحركي فراشة. من أبرز الجوائز التي حازت عليها في مجال الكتابة للأطفال جائزة العودة لأدب الأطفال في العام 2008 عن قصتها "شباك الزينكو" وهذه الجائزة يعطيها المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين كما أن رواية اسمي الحركي فراشة وضعت ضمن قائمة الشرف للمجلس الدولي لكتب اليافعين للعام 2012، و هي قائمة تصدر كل سنتين وتتضمن نخبة من الكتب المميزة والصادرة حديثاً من أكثر من سبعين دولة في العالم.واستطاعت أحلام أن تُعَمّد اسمها في عالم القصة وأدب الأطفال واليافعين، ولها مجموعة من المؤلفات لعل أهمها : اسمي الحركة فراشة وأشجار للناس الغائبين الصادرتان عن مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي خلال السنوات القليلة الماضية.

تشكل أبواب شجرة البونسيانا حالة فنية وأدبية تعرض لواقع إنساني وحياتي تقليدي بسيط، وتؤرخ لمساحة من الواقع الاجتماعي الفلسطيني من خلال ما تورده من سرديات المذكرات الفردية الخاصة لبطلة المذكرات" شنيورة" .
لا تنفصل شنيورة عن المكان وإن كان قدر الوعي الذي تحمله في صغرها غير قادر على احتواء ما يكابده المكان " الأغوار" جغرافيا وتاريخيا من ثقل، فتبقى صورة المكون مكونا أساسيا في صقل شخصيتها الذاتية وجزءا من الصورة المتشكلة في الذاكرة.

هنا فلسطين .......... لكني طفلة:
لقد جاءت الصفحات الأولى من المذكرات مسجلة بعفوية وبلغة سلسة طفولية تقلب حالة من الشغب، وتشيع حركة يشعر القارئ من خلالها بأصوات الأماكن، ويحس بوجود الأشخاص ماثلين أمامه. وهي الطفلة والفلسطينية التي نجحت في استهلال مذكراتها بتغليب هوية الطفلة بكل ما تحمله الطفولة من مشاعر ومخاوف بسيطة، فهي تروي خيالات طفذلة تخاف الشيطان وتنسج القصص بشجاعة وتثير شغبا في صفها، وتستمتع باللعب وتعاني بشقاوة عزلا تحت غطاء سميك حتى تتجاوز الحصبة، هكذا جاء عرض الكاتبة لهذه القصص موفقا في رسم صورة لأطفال فلسطين أطفال يحبون الحياة.

هنا الأغوار... لي بداية أخرى:
في زاوية أخرى عرضت الكاتبة صورة حية لأطفال الأغوار من العائلات محدودة الدخل، عائلات تممتهن الزراعة ومواسم الحصاد بابا تعتاش منه، وتشق ساعات الفجر المبكرة طريقها لحقول لا تمتلكها لتجني ثمارها وتجمع من عرقها قوت يومها، هكذا كان يبدأ يوم شنيورة في الحقول والمزارع أولا قبل أن تقضي بعض الوقت في المدرسة وتعود ثانية لتعمل في الحقول مساء.
تعرض الكاتبة لاستيلاء المستوطنين على مساحات زراعية كبيرة من الأغوار وتحويلها إلى مستعمرات زراعية، حيث ناقشت الكاتبة وبذهنية طفلة حقها في الحصول على بعض حبات من الليمون من شجرة تقع ضمن حدود إحدى هذه المستوطنات. هنا الأغوار إذ لا يمكن أن تكون الأرض ثابتة تحت قدميك، هي دائما سجادة يشدها الإحتلال أكثر إليه، ليسمح لك بالتحرك ضمن مساحة محدودة ومعرضة للتقلص بمضي الوقت. هكذا بدأت تكتشف شنيورة هذا المكان بعد استلام عائلتها لإخطار من الاحتلال يحمل تبليغا بإخلاء منزلهم، وكأن الاحتلال يمنعك في مرحلة ما من استكمال رسم ذاكرتك هناك ويدوس على ما كان لك من ذاكرة وصور.

هنا أحلام......... جعلني الوطن كاتبة:
رسم لها الوطن مسارا آخر، هي التي رأت نفسها فنانة، وحلمت أن تصبح مصممة أزياء، جعلها الوطن كاتبة بكل ما دفع إليها من ألم وكل ما رأت من صفحات الإنتفاضة المجيدة عام 1987 لتكتب منشورا تخفيه عن عائلتها وتهديه للوطن، وتكتب ليسمع المناضلون والأسرى كلامها عبر الأثير، ويرانا الوطن في مرآته دوما بصورة أخرى.

صور وأماكن ..... أشخاص وتساؤلات:
عرضت الكاتبة لتجربتها الشخصية وسجلت لوجود بعض الأشخاص والعديد من الأماكن والشخصيات والعلاقات الفردية والجمعية، أشخاصا أعطتهم ألقابا، وبعضهم الآخر منحته أسماء ربما في حالة تعكس رؤية فردية تعكس طبيعة العلاقة بالمحيط وجاءت في زاوية أخرى انعكاسا لرؤية المجتمع.


تعليقات

المشاركات الشائعة