بيتي الأغوار

بيتي الأغوار

أعد نفسه بهذا الفرح الذي يغمر شابا يجهز منزله الصغير من اللبن والطوب، بضعة أيام تفصله عن موعد زفافه، ستجتمع النساء في خيمة كبيرة ويجهزن العروس بالزينة والورد، صخر اختار عروسا من تجمع سكاني مجاور، وبنى غرفة من اللبن وفناء واسعا،كان يحلم لو أنه يستطيع أن يشارك عروسه مكانا أكثر اتساعا، أكثر جمالا، يحتار في لون أوراق الجدران، ويختلفان أي ثرية من الثريات أكثر فخامة لتناسب صالونهما الواسع، لكنها الأغوار، وكم يبدو منزله البسيط هذا حلما كبيرا هنا، جهز المكان، زاره كثيرا قبل الزفاف، تأكد من وجود خزان الماء وخط كهرباء يتسلل إلى رواقه المتواضع من قرية مجاورة، إذ لا كهرباء تصل إلى المكان، ولا ماء يتدفق من صنبور عتيق. 

إنه الثلاثاء، على مسافة يومين ينتظر زفافه، يزور أصدقاء له في فصايل، صديقه يعزم على السفر إلى الأردن، بشغب الفكرة قال:" أريد فرصة، أبحث عن عمل جيد، أريد منزلا جميلا له سورا عال، وحديقة خضراء، ومدرسة قريبة لأولاد سأنجبهم." سمع  صخرحديث صديقه حرقته، لكنه أصر أن لا مكان أفضل من الأغوار، لا مساحة أكبر من فضاء فصائل، الجفتلك، المفجر، المالح، العوجا، عين البيضا، تياسير. بهذه الروح عاد إلى منزله مرددا :"سأكون هنا، سأبقى هنا، سأكبر وأولادي هنا. "

كانت الصورة أقسى، لم ينتطرها، بقسوة كانت أصوات الآلات العسكرية الإسرائيلية ترتفع وهي تهدم منزله بحجة عدم الترخيص، يمنع البناء هنا ما دمت فلسطينيا، وقف إلى جانب الركام، تذكر صديقه، فكرة السفر واستعاد صوته: " هنا الأغوار، هنا سأبقى." بهذه الروح اجتمع أصدقاؤه وجيرانه يعيدون بناء البيت ويجهزونه في روح عتمة الليل بيكون جاهزا  قبل موعد زفافه  مستعدا لمساحة جديدة من الحلم.


تعليقات

المشاركات الشائعة