الفنون التشكيلية و أصداء الحرية

الفنون التشكيلية و أصداء الحرية 

التكنولوجيا و استعادة الذاكرة : 

لم يكن هاجساً أحسه و حسب، فقد بت أحتاج إلى تلك الذاكرة الورقية لأتمكن من متابعة مرور الوقت سريعاً بتلك السرعة التي تفوق قدرتي على الجري خلف إيقاعه،,ورغم التسارع التقني والتكنولوجي،فلا زلت أسمع صخب تكات الساعة و دوران عقاربها بهذه السرعة القاتلة.و لا بأس فهذه التكنولوجيا أعادت لي هذا الصباح صورة لإحدى الفعاليات في السادس عشر من آب العام 2015 تعيد لي مواقع التواصل الاجتماعي ذاكرة معرض "الحرية" معرض أقامه مسرح الحرية للفنون واللوحات الزيتية و المرسومة بأقلام الرصاص، لمجموعة من الفنانين والفنانات، مجموعة اللوحات التي جاءت نتاجاً ختامياً لدورة فنية مهنية منهجية استمرت عدة أيام، خاضتها ثلاثون فنانة، لتنتهي أعمال الورشة التدريبية بثلاثين لوحة فنية زيتية و بأقلام الرصاص، وثمانٍ و أربعين صورة فوتوغرافية. 

الفنون مساحات بامتداد الأفق:



الفنون عمل متراكم يبني الوعي ككتلة متماسكة يسند بعضها الآخر،ولا ينعزل أحدها عن الآخر، و كأن الواحد منها يكمل مشهداً في عمر جديد، ويفتح باباً جديداً لفضاء رحب،تصنع الفنون تلك الحلقة الرقيقة الهشة حول ذاتها، وتبني لنفسها فقاعة صغيرة رقيقة، لتسنح لها بالتحليق عالياً، هكذا تلقي بنظرها على مساحات بامتداد الأفق، وتسمع صهيل الأرواح، نداءاتها الكامنة، ذلك الوجع الدقيق الذي لا تدركه أعين العابرين على عجل، وفي ضوضاء الأماكن، التزامات الوقت، صوت عقارب الساعة تسير سريعة محتدة أحياناً، و زاحفة كما لو أنها عظاءة هرمة، وتصوغ الفنون ذاتها، وتعيد المسرح تشكيل أدواته من خلال (معرضٍ للصور، معرض ٍللوحات والرسوم، ورشة للكتابة والتحليق عالياً في فضاءات الذات،إضافة إلى برامج الطفولة المبكرة وغيرها )  لتتأقلم  هذه الأدوات مع روح إنسان بذهن شاردة و روح منكسرة في كثير من الوقت، لتكون خشبة المسرح البوابة الأخيرة، فهي نتاج لكل هؤلاء، لحكاياتهم، لأفكارهم، لمشاعرهم، ومخاوفهم. 



خطواتك : 

أسمع صوتك الآن أكثر، أنت لا تصرخ عالياً إذ أؤمن أن الصراخ لغة الضعفاء، هؤلاء الذين يفتعلون صراخاً أهوجاً علك تلتفت لهم ،إذ من الممكن أن تمربهم مراراً فلا تبصرهم ، أراك تمشي في الطرقات،تصغي إلى صخب العابرين، وقلق معلق على معاصمهم، وشحوباً بارداً في عيونهم، هو يصغي لكنه لا يسترق النظر،وقبسٌ من أرواحهم ينير عتمة مساحات عرض شائكة، فليس غيرهم محور الحكاية، ونبض المكان، في أيار نسمعك تروي الموت والفقد والغياب، كما تروي الإيمان والحلم و الاشتياق للبلاد، لنبع ماء لا زال رطباً دفاقاً في الذاكرة، رغم ان الغياب جعله صورة باهتة قاسية، لا يغيب هذا الحلم في حزيران، فذاكرتك وصوتك لا يغفل عن أوجاع وشتات آخر جديد،فالبلاد حلم موجع، وقلق صاخب، وأنت تلك الروح المثقلة بكل هذا،إذ تتبع صور تجاعيد عجوز مضغ الوقت كثيراً من ذاكرتها،لكنها لا تنسَ بيتاً صغيراً في قريتها البعيدة المهجرة، و شجرة لا زالت تقف في حدود ذاتها، وإن اقتلعت لأن صورة المكان تماهت و أرواح آخرين غرباء، الكثير من الصور، كثير من التضارب الذي يحدثه شغب الفرشاة و صدى احتكاك الأقلام بالورق،و أعرف أن التاريخ يدونه الأقوياء العظماء فيصعب أن تثق تماماً بصدق ما يقال، لكنها الفنون ترسم صورة مختلفة بحجم الوعي و عمق الانتماء . 

تعليقات

المشاركات الشائعة