حكاية سر الزيت


حكاية سر الزيت 


 ليس السجن هو الذي يأسرنا فحسب "ليس السجن بأسواره وأسلاكه الشائكة هو الذي يأسرنا فحسب، ولو سألتموني ما هو أهم استخلاص لك خلال هذه العقود الثلاثة التي أمضيتها في السجن، لقلت إننا فقدنا فلسطين، ليس لأننا ضعفاء، وإنما نحن ضعفاء بفعل الجهل، ومنقسمون بفعل الجهل. الجهل هو أشد أعدائنا، والجهل هو أخطر السجون، ويحول عقلك إلى زنزانةٍ تحتجز فيها مستقبلك ومستقبل الأجيال القادمة". بهذه الكلمات يقدم  الكاتب وليد دقه لوعيه الفردي الشخصي المتشكل خلال سنوات سجنه، و مواجهته اليومية للاحتلال، هذه المواجهة اليومية التي تغذي كل يوم الدافعية الشخصية لديه للثبات والتصدي.
رواية حكاية سر الزيت تقدم نموذجاً جديداً مختلفاً من حيث الطرح، فهي رواية للأطفال ويكتبها أسير، يلتفت إلى الطفل و حاجاته، وفي نفس الوقت يقدم له تداخلات الوطن واضطراباته، وهو نوع جديد في أدب السجون لا يوجد فيه حديث عن عتمة السجن و آلامه بقدر ما فيه بحث عن سبل الحياة والخلاص. حيث تقدم الحكاية قصة جواد الطفل الذي ولد من نطفة مهربة من السجن، إذ يواجه منعاً أمنياً يمنعه من الحصول على تصريح عبور، الوصول  وزيارة إلى أبيه في السجن.

يستخدم الكاتب أسلوباً قصصياً سلساً في التواصل مع خيال الطفل، بلغة سهلة واضحة مباشرة، لا تحمل كثيراً من التأويلات،لكنه يغذي خياله الخصب من خلال ابتداع عالم خاص بالطفل، بالحوار المباشر مع الحيوانات، الأرنب، الكلب، الحمار، وقد وسم الكاتب كل واحد منها بسمة خاصة لها، وكان لكل منها دور، ساهم في وصول جواد إلى أبيه في السجن، كذلك فقد استخدم الكاتب الأسطورة، والحكاية الشعبية، حول شجرة عجوز يكمن السر في زيتها، وهذا يعيد إلى الذهنية الفلسطينية كل الحكايات الشعبية المتوارثة حول الأشجار والمغر والكهوف وغير ذلك .
إن هذا الأسلوب يقارب في تحقيق أكثر من هدف للرواية ذاتها، إذ يمكن التعامل معها كأحد قصص الأطفال واليافعين، تماماً كقصة أليس في بلاد العجائب، وليس هناك بلاد عجائب أكثر من فلسطين عجباً،و يصل جواد إلى والده في المعتقل،ويمكن النظر إليها كنوع من الأدب الرمزي الذي يمكن ترجمة أبعاده على أكثر من توجه سياسي إنساني، اجتماعي، وهو ما يشبه نمط الأدب العربي في كتاب كليلة و دمنة، وحي بن يقظان .
  كما أن الكاتب تناول حياة كاملة لم يعشها من وجود الحواجز العسكرية الحالية، ووجود الجدار العنصري، وما خلفه من تفكك و احتلال جديدين، حيث أنه يواجه السجن منذ أكثر من ثلاثين عاماً.
قدم الكاتب عنوانه حكاية سر الزيت وكلمة حكاية كلمة أصيلة في العنوان وهذا يجعل الكتاب مقدماً لميثولوجية شعبية خاصة، وكأنها تروي حكاية شعبية خاصة،سر الزيت الرواية الحائزة على جائزة اتصالات لكتاب الطفل للعام 2018 في معرض الشارقة الدّولي للكتاب، والرواية هي جزء الأول من ثلاثية ثمثل مسيرة الوطن والنضال الفلسطيني فسر الزيت يتناول الأسر والاعتقال ، أما رواية سر السيف فسيتناول اللجوء، و رواية سر الطيف تطوف في مدارات الشهادة وهي مراحل محورية في حياة الشعب الفلسطيني .
مختصر حول قراءة آمنة الكيلاني :
تناولت الأسلوبية في الكتاب والرسائل التي تناولها الكاتب وضمنها الكتاب، والبدائل لمواجهة الواقع، كما التفتت إلى توظيف الكاتب للأسطورة في النص الروائي، وعرضه للواقع كجدار الفصل العنصري، و تجليات الواقع الصعب من خلال تجسيده بعدد من الشخصيات، حيث أن كل شخصية رمزية تحمل دلالة خاصة في الواقع الفلسطيني : الأرنب يلتقي مع أهله في الأراضي المحتلة 1948، أبو ناب الانتقال من النضال إلى التنسيق الأمني،براط نموذج لكثير من المناضلين المتعثير والمهمشين الذين بذلوا كثيراً و أهملوا أكثر، كما أشارت إلى فلسفة الكاتب وعمقه السياسي، دلالات سياسية استخدمها للتواصل مع الطفل وبناء قناة عميقة معه. القصة هي حكاية لأنه يتحدث عن الموروث الشعبي الحكائي، فهي أشبه بالحكاية الشعبية، الحكاية الشعبية هي أسهل للوصول إلى الطفل.

              

تعليقات

المشاركات الشائعة