كثيرا من الجمال.... حول ورشة الكتابة الإبداعية خلال انتشار فيروس كورونا


على مسافة أسابيع أستعيد ساعات معدودة تماماً من مفكرة الأسبوع، أظنه تشرين الثاني"نوفمبر"، في مفكرته اليومية بدأت أشارك ضمن ورشات سلسة حول " الكتابة الإبداعية"،أتذكر لقائي بصديقتي " حنين أمين"، كانت تعد وقتها لتنظيم و تقديم ورشة كتابة إبداعية لمجموعة من الشباب من خلال مسرح الحرية في مخيم جنين ،  سمعت حديثها بترقب كبير، وإحساس مفرط برغبة كامنة، وددت حقا لو أقول لها كم أحب، لأكون أكثر صدقت فأقول كم أحتاج أن أكون مشاركة ضمن الورشات،  هكذا لم أستطع كبح جماح نفسي، ووجدتني أرسل لها رسالة تخبرها برغبتي بالمشاركة، أتذكر أني قلت : أريد أن  أشارك ................" ولم أجد نفسي بعد ذلك تتساءل إن كان يمكنني ذلك حقا ." 


أعود إلى المنزل في يومي الاثنين و الأربعاء  تمام الساعة السادسة، و أمضغ الوقت قطعة من أي شيء بانتظار السابعة والنصف، و أبدأ المحاولة بمشاركة عدد من الكتاب الموهوبين الشباب.لقد تغير صوت النهار، و تغير ايقاع الوقت بين التوقيت الشتوي حالياً، و التوقيت الصيفي، لكنها تظل لذة الاجتماع معا في تمام الساعة السابعة والنصف، والإصغاء لإيقاع كل منا، حتى النشاز لحظة الاجتماع والنقاش يمكن أن يخلق فكرة جديدة لم تكن لتفكر بها فيما لو بقيت وحدك تحدث أوراقك و الجدران، و صفير هاتفك.

تشاركت مع المشاركين و المشاركات بعضاً من الجمل و بدايات غضة لقصص قد تكون يوماً ما حالة تامة، و ثرثرنا كثيراً فيما نفكر، كيف نجد الفكرة، و كيف تمنعها من الهرب، و نصقلها بصورة جميلة تعكس كثيراً منا، وبعضا من هذا الكون الصاخب.


حين أكون وحدي و لا أملك إلا الأوراق لأحدثها، و ربما لأنها لا تجيبني أبدا، استطيع أن أسر لها بالكثير، فهي تراني هشة ولا تسخر مني، و تعرف كم أتحمل ولا تقول أني قبيحة، و تجيد الرياضيات و الحساب وتخطئ دائماً في إحصاء سني عمري، وعلى كل حال كان من الجميل أن أكون في هذه التدريبات برفقة زملاء و زميلات تتفاوت أعمارهم، بعضهم يرتب الوقت ليتابع صفوفه المدرسية عبر برنامج teams و يحاول جاهداً تخيل زملائه في الصف، والبعض أنهى دراسته الثانوية و التحق بجامعة ما، و يتابع تعليمه و مواده إلكترونيا أيضاً بسبب انتشار فيروس كورونا ، و ربما مثلي يتابع الأخبار و كثيراً من البرامج، و يعتني باختيار الموجة و القناة التي يتابعها.
لقد ترك الاحتلال بصمته في كل ما نفعل، في نسيج علاقاتنا الإنسانية،في هويتنا الفكرية و الشخصية، خلال هذا العام و بسبب حالات الإغلاق و الطوارئ والتحول نحو التكنولوجيا كبديل للفعاليات المباشرة، حدث و أن استمتعت وربما تبادلت الحديث مع شباب و شابات من الكتاب المتدربين في غزة،" ليس سرا لقد كتبت قطاع غزة، وعدت و مسحت كلمة قطاع"، فهي بحد ذاتها فكرة مؤلمة و ترسيخها في ذاتنا مدعاة للقلق، فهي ليست شيئاً مقطوعا من مكان ما، و موصولاً بعبء إلى جغرافية أخرى، هي كثير من فلسطين، هناك بالتأكيد خصوصية جميلة للأفكار، و جمالية لصورة الماء، البحر، الرمل، السفن، الليل، في أقلام و حبر الزملاء، لكنها الحيوية التي تتركها فكرة الالتقاء و إن كان عن بعد.

في الأيام قلبنا الكثير من اللغة، و بحثنا في بناء استراتيجيات شخصية لكل واحد منا، تشكل هويته و بصمته الخاصة في الكتابة و الإبداع، هناك مفاتيح عامة حاولت المدربة صديقتي العزيزة حنين أمين أن تذكرنا بها دائماً، لكنها ظلت تؤكد في كل حين أن الورق هو المساحة الأوسع التي من خلالها تستطيع الإبداع، و كسر القوالب، و تجاوز القواعد العامة،ليس قواعد النحو على أي حال، إنما قواعد الأدب و النثر و الإبداع، "كن حرا لتكتب، كن أنت لتبدع، كن  صادقاً لتتميز."
أتذكر منك هذه الجملة الأخيرة، و أقول في هذا العام و قبل نهايته كان هناك كثيراً من الجمال و أنت.

تعليقات

المشاركات الشائعة