البرنامج التدريبي حكايتي خطوات من وقت..... سعاد شواهنة


 

البرنامج التدريبي" حكايتي" خطوات من وقت


وضعت هذا العنوان بداية ثوثيقية لسلسة كبيرة من المقالات التي ستسجل التجارب الفردية التي خاضها المتدربون و المتدربات ضمن برنامج حكايتي، و اللحظات التي وقفوا فيها لأداء حكايات متنوعة أمام الجمهور، الأمر يختلف الآن قليلاً، إذ أني لن أرصد تجربة لأحد الزملاء،بل سأتحدث عن تجربتي الخاصة في ذلك النهار.

لست واثقة تماماً أنك ستكون مستعداً للإصغاء و القراءة الآن، لكني الآن أفكر بكل تجربة نخوضها، و عن ذلك الفرق الذي نحسه في اللحظة التي نبدأ بها تجاربنا، و حالة الدهشة التي نحسها في طريق التجربة، و كأن لكل منا جبل يصعده، ربما كثيراً من الجبال، تعرف في الماضي كنت أكتب مختارة راو كلي المعرفة، و لا أحتاج طيفاً مثلك أحدثه، لكن تروقني هذه التجربة، أنا أيضاً جربت تحدياً صغيراً، ربما لم أكسبه تماماً، اعتدت كتابة القصص، و المقالات، كهذا الذي تقرأه، و أقول لنفسي أن الحكايات حياة من وقت، تسكنه فتبقى حية، فلا أزعج وحدتها بصوتي حين أقرأها فربما يزعجها، أو قد لا يعجبها.
في مشروع " حكايتي" التدريبي الذي التحقت به عبر ورشات تدريبية إلكترونية متخصصة في الحكايات و القصص الشعبية، و الذي نفذته جمعية مسرح شظايا بالتعاون مع المجلس الثقافي البريطاني، كان علي أن أجرب أشياء كثيرة، مر وقت طويل، ساعات من التدريب، ومشاركة الخبرات، سمعت كثيراً من الحكايات، غنية هي التجربة، مزدحمة بالذكريات، لكني لم أتخيل أبدا أن يأتي ذلك الوقت الذي سأروي حكاية ما و يسمعها كثير من الحضور، كان هذا منذ وقت طويل يوم الثلاثاء في الثاني عشر من تشرين أول/أكتوبر، ولا أظنك كنت موجوداً أن ذاك، و إلا  لكنت حقيقة و لما استطعت الكتابة لك الآن،  هل أخبرك الآن و أقول لك ثانية سيقدم العرض، مرة أخرى، نعم سأروي الحكاية للمرة الثانية، على مسافة أيام في السبت القادم الموافق 6/نوفمبر/2021في تمام الساعة الثانية والنصف عصراً، هذه ليست دعوة لك على أي حال، لكني أثرثر و حسب. 
الآن أتذكر تلك التجربة، و أصغي لأنفاسي مراراً إذ علي تكرارها، لم يكن الأمر مجرد بضع ساعات و تمضي، اليوم أكتب عن هذه التجربة، يبدو الأمر صعباً،نعم الكتابة تبدو صعبة، فرغم أني كتبت بشغف عن تجارب زملائي في مشروع حكايتي، لكن الكتابة عن تجربتي صعب أكثر، أكتب تماماً و كأنني أقف أمام مرآتي وقد استيقظت للتو من النوم، ولم أغسل وجهي بعد.

" بلغي كل مواعيدي مواعيدي "  كما يغني ملحم بركات لأكون جزءًا من هذه التجربة، لكني أتأخر قليلاً في الوصول، المهم أنني أصل غالباً بشكل ما، تمر الساعات التدريبية الاخيرة، حثيثة، و أنا أجلس أرقب زملائي واحداً بعد الآخر، و أحثهم مرة تلو أخرى، ربما لأدفع عن نفسي ثقل أن أجرب مرات و مرات، مضت لحظات العرض التجريبي، و أتذكر أنني فوت اللحظة الأخيرة، الجمل الختامية، وفي اللغة يقال أن ما يرسخ في الذهن هو لحظة البدء الخاطفة التي تجذبك للمتابعة، و لحظة الختام الراسخة التي تسير معك و أنت تخرج من أي عرض فني، أو كتاب تقرأه.
    الساعة الخامسة و بضع دقائق، بدأ العرض، و واحداً بعد الآخر كنت أستمع لحكايات زملائي الحكواتيين، سيمر الوقت سريعاً، و سيكون علي الوقوف لسرد حكايتي، أحكي فعل ديناميكي حيوي يختلف تماماً عن الكتابة، حتى الكتابة لك، وعن القراءة بضع كلمات فوق الورق، أن تحكي أن تخلق وعيا مشتركا، و علاقة متشابكة مع جمهور تراه للمرة الأولى، وعله يراك في مرتك الأولى.
وقفت خلف بوابة معتقة خشبية بلون حداثي تركوازي، و كنت أسترق النظر من خلف زجاج نافذة، و أسلي نفسي بالنميمة اللذيذة، كانت بطعم السكر، لي أنفاس أدركها تماماً، لكني بالكاد أطلقها، أعي ما يجول ببالي من قلق اللحظة، لكن عليه أن يكون منضبطا ولا يشي بنفسه ثرثرة، يكفي ما يقفز إلى الوجه منه.
كان علي أن أنتظر جملة موسيقية قصيرة أدخل وهي بالكاد تنتهي، و أظن الوقت هرب مني كعهده، و تأخرت للحظات.

قلت لنفسي :" المهم أن نصل، أن نبدأ ولا بأس بلحظة الختام، ستأتي على أي حال." و سرت أحكي حكايتي عن تاجر و ثلاث نصائح، بدأت الحكاية: " بحكوا بالحكايات بالقصص و الروايات عن كبير التجار، كل البلاد لف و دار...."  سرت معه أتبع خطواته، و أعيش غضبه، و قلقه، و أحس خطوه على الرمال في شمس الصيف كأنه خطوي، أتشعر بالغيرة حقا الآن... و أنت محض فكرة بالكاد أستطيع تخيلها!

تجول التاجر، خاض غمار تجربته بروح التحدي، فليس هناك ما يخسره، وعاد إلى دياره حاملاً ثقل التجربة، و نصائح سارت معه في طريقه، فكر، أصغى لنفسه، استعاد الفكرة و الكلمات، فكانت اللحظة التي يعود بها إلى الديار  .

نحن لا نروي لكم المواعظ و لكنها الحكايات تقول لكم الكثير، هكذا وضعت  متن حكايتي بين أعين و أذهان الحاضرين، و تركت لهم التفكير بما تحمله من رسائل و أفكار.
  



تعليقات

المشاركات الشائعة