صوف

في

شمس هذا الصباح ، تضرب أم ماجد العجين بيديها، مرة بعد مرة، لتصنع رغيفا بعد الآخر، تدخلها الفرن، لتخرج بعد دقائق ساخنة بلون بني ضارب للحمرة، سيعود ماجد بعد قليل ، وسنتناول معا الطعام بهذا الخبز الساخن. 
نظرت إلى ساعة الحائط، بضع دقائق وسيأتي، ماجد ابنها الوحيد، تغزل له الصوف شتاء شالا يلفه حول عنقه، وكنزة يلبسها، تتذكر أحاديثه لها في البرد حين كانت تدعوه ليقترب منها أكثر، و أن يغفو في حجرها عن البرد، فيدفأ بحبها وبعض الأغطية. 
ماجد يحب أرضه، كرم العنب البعيد الذي صادر الاحتلال أكثره ، وصار عليه السير بمحاذاة الكثير من الأسلاك الشائكة ليصله، ويتطلع من بعيد، إلى بعضه المسلوب خلف الأسلاك.
ماجد كان يلعب مع رفاقه في طفولته لعبة عسكر وحرامية، كان يختبئ حتى يمر العسكر ، ويمضي ليقطف البرتقال والعنب في الجوار، اليوم لا زال يلعب اللعبو ذاتها، ففي شبابه يتسلل إلى بعض المستعمرات الإسرائيلية والمناطق المحتلة ليتسلق الأشجار والأسلاك ويجني بعض البرتقال والليمون وبعض قطوف العنب، ويعود بها إلى أمه، ويقول : هذه من البلاد ." 
اليوم ذهب مع بعض رفاقه ، هو لا زال يحب التسلل للسبب ذاته، سيجني بعض البرتقال والعنب والليمون ويعود إلى أمه، أما رفاقه فلهما غايتان أخريان، أحدهما سيذهب باحثا عن عمل خلف الجدار، والآخر سيذهب باحثا عن وطن يعود إليه حالما . 
كان الجيش يتربص بهم، لاحقهم، طاردهم بمعداته، برصاصه، ومكبرات الصوت، لا يدري ماجد أين رفاقه، لكنه حمل بعض برتقاله وجرى بعيدا، جرى لاهثا حتى وقف في باب منزله، يتصبب عرقا، كانت أمه تنتظره بخبزها الساخن، لكنها حين رأته يلهث متصببا عرقا، يرتجف ، أخذته إلى فراشها، وخبأته هناك، نظر إليها قلقا، محاولا العودة إلى فراشه، لكن قلبها يرتجف.


تعليقات