أنا نبض التراب دمي

                                



أنا نبض التراب ....دمي ... كانت هذه الكلمات عنواناً لحوارية




شعرية ثقافية أدبية يعقدها مكتب الثقافة في محافظة جنين، ضمن لقاء شبابي لعدد من الكتاب و الكاتبات الشابات، أما الزمان فكان لحظة مؤجلة سرقها الاحتلال الإسرائيلي من عمر كثير من النصوص و الأفكار التي رقدت ليلة الثامن و العشرين من آب فوق طاولة باردة رغم كل هذا الصيف الحار، لكنها طاولة باردة قلقة، فهنا جنين، و هنا نحن ، و هنا البلاد تقع في القلب، و ترزح بين فكي احتلال إسرائيلي أهوج.

الحقيقة أنظر إلى كلمتي مئات المرات حين أقول "أهوج" و أتساءل بيني وبين نفسي: هل يمكن للاحتلال أن يكون غير هذا؟ كيف يكون احتلالا إذن؟! و هل يفكر الاحتلال بذلك الآخر الذي يقع تحت سطوة الاحتلال؟هل يبالي بكل ما قد يفكر به؟ و كل ما قد يفعله.



يسير الاحتلال الإسرائيلي في الشوارع و الطرقات بعبثية و جنون شخص خسر لتوه رهاناً ضخماً فوق طاولة قامر فيها على كل ما اختلسه طوال عمره، فبات يكسر و يحطم كل ما يقع أمامه، و ما يقع خلفه، وما يمشي فوقه، يكسر كل شيء، لكنه لا يكسر إرادة جنين، فنبض التراب دمها، و نبض التراب دمنا.



تتعطل عقارب الساعات لبعض الوقت ليوم، ليومين، يقولون ثلاثة ، ربما أربعة، خمسة، سادسهم يوم الاثنين، تتعطل عقارب الساعة تغفو المدينة على حزنها، تنآى بروحها عن وجوه ناشزة لضباط و جنود الاحتلال، إذ تعرف الأرض ساكنيها، و تدفئ وقع أقدام أبنائها و تلفهم بروحها، بحنينها، و لهم تشرق شمسها، و لأجل أبنائها تنثر على وجوههم قليلاً من الهواء الدافئ تحت شمس آب الحارقة.



في الحرب تتوه الفنون، وفي الحرب كم نحتاج إلى تلك البصمة التي تتركها الفنون في أنفسنا، أن نسمع وقع الللون، و ارتداد صدى الريشة التي تمر بتلقائية فوق اللوحات،و عذوبة الخط العربي و جمالية الحرف عندما يمتزج مع نقاء اللوحات، و لمعان اللون و ارتفاع صدى أفكارنا ،فليست مجرد أفكار غافية في بالنا، مهجورة بعيدة عنا، و ( ومن نبض جنين إلى روح غزة) كلمات كانت العنوان لمعرض فني يحمل ثقل عدد كبير من اللوحات و الأحاسيس، معرض حمل اسمه و حفظ معناه، فكان نبض جنين التي حملت روح غزة و عاشت لأيام و حتى الآن اجتياحا طويلاً قاسياً يجثو فوق أنفاسها ، و يكبل ذراعيها،و يضغط بقسوة فوق عنقها،وما زال هناك نبض في


الروح ، و روح حياة و أمل.


الأرض روح الخصب و معول الثبات في ميثالوجية البقاء الفلسطيني، ومن روح الأرض نرسم مواسم الحصاد، و امتداد الأرض بين كفي سيدة بثوبها الفلسطيني المطرز، تعقد التاريخ في محيط زنارها، و تقرأ في وجهها صفحة من تاريخ أجيال تتشكل بين راحة كفيها،

.




تعليقات