أيام التين ... فش عجين!









تعجن الوقت بين كفيها، إذ تنتظر أن يختمر طحينها الهش، إذ تعد بعض الارغفة الصغيرة، و تتزحلق أصابعها إذ لا يبدو الطحين متماسكاً، فركت يديها مراراً و قلبت الوقت في خيمة تسكن الشمس زواياها المعتمة، و تشقق بحرارتها القليل المتبقي من ظل خيمة خافت.


سيغيب الأولاد بضع ساعات، يفتشون لأنفسهم عن متعة ما في هذه الحرب، يجمعون بعض العلب الحديدية المتناثرة بين الرمال، و ربما يحظون بواحد محكمة الإغلاق، سقطت في إحدى غارات المساعدات الجوية الإنسانية، و ربما يلعبون بكثير من الحجارة المهدمة و الحطام، سيغيب الأولاد لبعض الوقت، و هند تحب إعادة تشكيل الرمل، الحجارة، العلب، الشوك، أوراق الشجر ، و ستجد لنفسها ما يسليها، لن تجد ورقاً وبعض الصمغ، لكنها ستسلي نفسها حتى يحين المساء، و تحب بعض الرياح حارة الملمس، تكسر جسد لوحتها الهادئ.

تجمع ما تيسر من أخشاب مبتورة، لأحلام لم تكتمل، كرسي بقدم واحدة، شيء من باب مشطور، تحفة منحوتة بعناية، و مكتوب عليها كثير من الكلمات، على أنها لا تفهم كثيراً منها، فبالكاد استطاعت أن تتعلم لبعض الوقت، قبل أن تضمر الحرب نيرانها مرة بعد أخرى، عرفت خلالها كيف توقد النار، و تعد بعض الخبز و الطعام، و تحافظ على جذوتها حتى المساء هذه المرة إنها الحرب ثانية، و تقلب الفصول وجهها واحداً بعد آخر، ولم يختمر العجين بعد، تزحلق الرغيف من يدها، و تلون عجينها بالرمل و الحصى، و هي تسمع صخب الأولاد وقد عادوا بغنائمهم الهشة، بينما كانت هند تمسك بين يديها قليل من حبات التين و قالت: بسيطة... إنها الحرب ... بس كنت تقولي دائماً أيام التين ، فش عجين!




تعليقات