كتابة ابداعي/جلبون

هذا الصباح بدأ باكراً، في التاسعة و النصف صباحاً، كنت أجلس في السيارة في الطريق إلى جلبون، سمعت صوت الصباح، و رأيت وجهه الناعس، و أعرف أنه هو الآخر لا يحب الاستيقاظ باكراً، على أن اللغة أسمته صباحاً، فلبس تلك العباءة و طاف المكان بها.
في السيارة سيدة تطوي الوقت بين كفيها، عائدة إلى منزلها،و تفتر شفتاها عن ابتسامة بين كلمتين، و تتأمل الوقت و المقاعد الشاغرة حتى الآن، و ترفع ثقل حروف الاستفهام و فضولها عن وجهين يلتقيان للتو، و تسأل : أنت من جلبون! فأقول إني آتية لأتقاسم فضاء الحوش و جدرانه مع فتيات قارئات حالمات، سنحكي قليلاً و نتحدث بالكثير.

وما إن تفتح البوابة لك ذراعيها حتى ترى ساحة واسعة، و بهو مكتبة في عقد صغير، كان معتماً اليوم بسبب انقطاع التيار الكهربائي، مضيئاً بأصوات و ابتسامات و أحلام و حب.
تضمن لقاؤنا أنشطة وفعاليات عديدة، و أعرف أني أكتبها الآن بتلقائية اللحظة و ارتداد الأثر، و بتفاصيل قليلة، ودون مراعاة لتناسق الكلمات، لكنها البدايات وقت صرت أحرص أن اخبيء في سرها ابتسامة ما، مهما بدا النهار متعباً.
* كيف يمكنك أن تنسى أسماءنا وقت لحناها، و تحركت أكفنا كأنها تتأرجح، إذ اختارت كل مشاركة طريقة تلفظ فيها اسمها، تصفق، و ربما تدق على الطاولة، تصفر، تقرقع أصابعها ببعضها البعض، و ابتسامات كثيرة خبأت الأسماء و تركت لحركات الأيدي طريقاً لتروي الاسم.
* وعلى الورق رسمنا شيئاً منا، حيث حكت كثير من المشاركات عن حبهن للرسم و الألوان، رسمت كل مشاركة ما تحبه، وما ترى أنه يعبر عنها، مكانها الصغير، تتذكر شام جلوس جدها و جدتها في ساحة الدار كلما رأت الغروب، و تحب هبة أن تصبح مصففة شعر، و تتمنى يقين أن تكون فنانة تشكيلية ترسم كل ما تطل عليه نافذتها، أمنيات، أحلام، صداقات، و أنواع طعام، و رغبة في السفر،شغف في مواقع التواصل الاجتماعي، و انتظار ليقرع جرس المدرسة، فينطلق الأطفال إلى منازلهم، و يذهب غيث ليلعب بالجلول، الكرة، و ألعاب شعبية كثيرة سنجربها معا في وقت لاحق.
* دائماً هناك الكثير ليقال، وفي بهو الحوش أوراق متناثرة، أضاعتها صديقة للمجموعة جاءت من بعيد، رسمت المشاركات ملامح الشخصية فهي بمثل أعمارهن، وتدعى منار، كانت تسير في الحوش و أضاعت أوراقها و حقيبتها، جمعت المشاركات الأوراق، وفي كل ورقة بالكاد تبدو كلمة أو اثنتين، و بروح الفريق، و تناغم كبير، بدأت المشاركات واحدة بعد أخرى تروي حكاية عن منار التي جاءت من أريحا إلى جلبون، و أضاعت حقائبها، و سافرت إلى تركيا، و التقت بصديقها، و مشت بمحاذاة البحر، وحلمت أن تعود إلى أرضها، فتجد ألوانها و أوراقها و ترسم صورة للبحر.
* أما حكاية الرحلة من الجنوب فكانت ظلاً أخبئ به قلق حناجر الأطفال وهم يتحدثون عن " الجيش" و اقتحاماته المتكررة للبلدة، صباحاً، مساء، ظهراً، عصراً، و أتذكر حين خرجنا للساحة، أشار غيث إلى علية صغيرة، سدة، سقف بارتفاع بسيط، وقال: هون الجندي بيوقف، بحب اجي ألعب العصر هون، و أتمرجح بالبوابة، بس كنت أشوفه و أرجع عالدار) 
* في ساحة الحوش، و تحت شجرة البونسيانة، و أمام شجرة الياسمين، و إلى جانب إكليل الجبل، قرأنا صفحة من الكتاب، و لمسنا الرمان( فاكهة موسمية هذه الأيام) و تحدثنا قلقنا، عن الحرب، عن مشاعرنا، عن غزة، و كتبنا مشاعرنا بالورد، بالورق الأخضر ، بالحجارة و الرمان.
* مهمتنا للمرة القادمة ستكون كتابة جملة قصيرة واحدة تعبر عن أحلامنا و رغباتنا و أشياء تعبر عنا.
* و سنفكر و نبحث في المطبخ الغزي عن الرمانية، سنحكي عن ذاكرة الطعام و جلسات الجدات و الأمهات و رائحة النكهات و الأطعمة في جلبون .

تعليقات