جوهرته الثمينة 🌟.... و صوت الحضور
جوهرتي الثمينة! أفكر في الأمر مرتين هل يجدر بي تعديل ضمير الملكية المتصل بها لزاماً، و أقول إني أنوي أن أحكي لكم عن جوهرته الثمينة، فغسان يكتب بهذا القدر من الواقعية المفرطة التي تجعل الشخص أكثر ما يرغب به هو الهروب من ذاته، من كل تلك الأصوات و الصور و الحكايات المزدحمة في بوابة النفس، و كأنه ينتأ جراحاً قديمة لم تندمل لكن الوقت تقادم فوقها حتى نسينا وجودها.
سردية الشخصيات:
تروي العرض المسرحي بعبثية اللحظة، حكاية كاتب متعثر، منكمش على ذاته، في زاوية المشهد المسرحي يحاول حبك حكاية ما، و رسم شخوص مسرحية، تبدو مسبوكة بعناية إذ تبدو أكثر وهجاً و حضوراً من كاتبها، الذي وفي إثباته المتكرر لنهج مسرح المضطهدين" المسرح المنبري" كرر التساؤل كثيراً عما قد يفعله لاحقاً، عن ذلك المسار الذي يجب أن يرسمه لشخوصه، عن تلك الهوة و ذلك الحدف الذي سيلقي بشخوصه إليه ، وفي سردية اللحظة طاولة و كرسي واحد، و زوجان لا يلتقي صوتيهما، ولا تتلاقى وجهتهما، فهي كرسي واحد على أي حال ، وهناك كثير ليقال، و حوارات و أحاديث كثيرة تتسلل من بين مقاعد الحضور لتكون بشكل ما جزء من الحكاية .
حكاية الظل و سردية الحكاية:
في سردية اللحظة الأخرى، تقف كثير من الوجوه، الأصوات و خبرات و تجارب و آراء الجماهير( الحضور)، في وقفات شبه مدروسة يقف الثنائي أو ربما يجلس أمام شبح لحظة الآن التي تمنعهم من التفكير في حلول ممكنة، و يلقون بثقل الحكاية لأصوات الجمهور، الذين يبدؤن بالحكي، و النقاش، و الجدال،و إبراز الهويات الفردية بشكل أو بآخر، الحكاية ليست ثقيلة هي ببساطة روتين الحياة اليومية، روتين اليومي المتكرر الذي لا ندرك تلك اللحظة التي أودت بنا إليه، و بكثافة ينوي الكاتب المبالغة و ربما تكثيف الوجع، يخلق أزمتين متوازيين، خيانة ما، و بحث عن روح مولود جديد، دمية جديدة مسلية، ترفع ثقل الروتين.
أزمتين متوازيين و حوار مكسور:
لا يدعي الكاتب حكاية حب ما، و إن كان عاد لبدايات اللحظة ببعض الأغنيات، الموسيقى، والدوران، و بواقعية واضحة لا نجد حوارا حيا مباشراً، في الوقت الذي يبني كل منهما حواره الداخلي،عما يتخيله، عن ذاك الآخر ، و عن تلك اللحظة القادمة مع الآخر، لا حوارات واضحة، فقلما نجد أنهما يقفان مقابل بعضهما البعض، وفي الوقت الذي عبر فيه رائد عن نفسه للجمهور بشكل واضح، و أخبرنا عما يفكر، و يريد، وما يواجهه في الطريق و العمل، و كيف يحب المرأة و كيف يريدها، لم يقل شيئاً من هذا لشريكته(فرح)،و ثانية يكرس غسان بهذا حالة الخوف التي تحف المشاعر و الرغبات، فلا بأس إن تأججت في النفس، لكنها تبقى طيب النفس، وإن شئت أن تعبر عنها فافتعل أي مشكلة ما، أي شيء يدعو الانفعال حتى لو كان ضياع هدف محقق في مباراة الفدائي، المهم أن يكون أي شيء يحرر تلك الرغبات المسجونة ولا شي بها.
خزانة و سلاح:
أفهم فكرة الخزانة من زاويتي الضيقة جداً فهي مكان مظلم، لا نوافذ فيه، وفيه خيارات محدودة إن لم تكن معدومة للحياة، وبوابة مقبضها خارجي، جلست فرح فيها معظم الوقت، و هي خزانة، وفي حوار شائك لم يكن رائد يقول: " إن تجودي فصليني" و كانت لحظة حياتهما جدول لا ما فيه، أما السلاح الحاضر و الواضح بين يديه فكان تلك اللحظة المسرحية المبالغ فيها، و التي استمرت ثلثي الوقت المسرحي، ربما في إشارة لكثير من حالات القتل و العنف التي تواجهها السيدات، لكني أقول عنها مبالغة مسرحية إذ خاص الثنائي حوارا طويلاً وإن كان غير مباشر حول لحظة الذهاب إلى خيار القتل،
لحظة العنف سلسلة متكررة و متكاملة، تتناقل بتواتر، و بصوت لا يبرر العنف لكنه يفسره، تقرأ فرح سلسلة من عنف متسلسل، في إدراك أن العنف ليس لقيطاً، و أن الإنسان الذي يمارس العنف هو أحد ضحاياه السابقين.
كثير من الحكايات، كثير من الأصوات، ولحظة كامنة في وعي الحضور.
مسرح الحرية

تعليقات
إرسال تعليق