ليلي الحمقاء

ليلي الحمقاء

قصة ليلي الحمقاء هي قصة قصيرة أعدت بنمط الكتابة المشتركة للكاتبة ميته فيدسو و ستينه إلوم، وهي من إصدارات مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي للعام 2017، وهي جزء من أدب الأطفال واليافعين المترجم، قدمت القصة حكاية ليلي الفتاة الصغيرة الشقية التي لا زالت تخطو خطواتها الأولى في التعرف على مدارك الكلمات، ولغة الحروف ووقعها وصداها، إذ تناقش القصة التأثير الانسيابي للكلمات ومدلولاتها على الأفراد، والمحيطين، ليلي تمضغ الكلمات مضاف لها الكثير من الملح والفلفل، هكذا تستخدم الكاتبة وعي المذاق الذي يعرفه الصغار قبل وعيهم للغة وكلماتها للتعبير عن وقع الجمل والكلمات في النفس، إذ يترك الملح والفلفل مذاقا حادا لادغا في الفم، ووقعا حادا صادما في النفس حين تكون الكلمات بنكهة الفلفل الحار و الملح كلمات ليلى بشكل إيحائي بطعم الفلفل والملح.

سقط سهوا :
تشير القصة إلى آلية عفوية في اكتساب الإنسان للمعرفة، إذ نتلقى الكثير من المعرفة يوميا بشكل عفوي سريع، ودون إن نعي ذلك تماما،( لقد أكلت ليلي الكلمات بالشوكة والسكين مع الملح والفلفل، بالتأكيد هي لم تتعمد ذلك) توضح هذه الجملة فعلا يوميا يتم ضمن الكثير من المحيطين، الأكل وبرتابة استخدام الشوكة والسكين، لكنه جاء بنكهة الفلفل والملح، وهذا يوضح أن الإنسان منا يستقبل العديد من المتغيرات بشكل يومي من بيئته المحلية،فيكفي أن يشاهد الطفل صورة من صور العنف أو يسمع عن استحسان لحالة من العنف ليكون عنيفا في المستقبل، ويختلف ذلك تبعا للاستعداد النفسي لكل شخص منا.

البؤرة الأولى للتلقي، والأولى في التأثر:
كانت اللغة الفعل المكتسب الذي اكتسبته ليلي، رغم أن القصة لم تقدم إشارات واضحة حول مبعث هذه اللغة، بدأت ليلي تقول كلاما سيئا جارحا،تنتقد بتلك الحدة المفجعة، فتقول لأمها: ( بطنك تشبه العجينة) وتقول للمربية:( رائحة فمك كريهة)، بينما تقول للجدة: ( أذناك كبيرتان)، إن ما تقدمه ليلي من نقد جارح يعبر عادة عن مواضع حقيقية في الشخص المتلقي، لكن تسليط الضوء على هذه المواضيع، وتعرية الآخر من سماته الجمالية الأخرى المتبقية مقابل تضخيم زاوية صغيرة فيه، هو الفعل الذي قامت به ليلي، والذي لاقى الكثير من الغضب في عائلتها، أمها، أبيها كمراكز قوة أولى لها، فرنسا كمكان للحدث، والعالم أجمع، لتوصل الكاتبة فكرة رفض العالم أجمع لمثل هذه الطرق في التعامل.

ردات الفعل وتأثيرها في النفس :
قدمت القصة للعديد من ردات الفعل تجاه أقوال وأفعال ليلي السيئة،فقد تجاوز الأذى المكان الأول ( البيت) وصار يتعدى ذلك إلى الجيران، الزملاء والزميلات في الروضة،فبينما يناديها الأهل في المنزل بالحمقاء، تجد ليلي الجارة ليديا سيدة دافئة، تضحك و تتواصل بكبد مع الصغيرة، فحين تنتقد أذنيها تجيب السيدة محركة أذنيها بابتسامة نعم صحيح،وتقدم لها الشاي والكعك، وتجالسها في الحديقة، بينما تواجه ليلي ردة فعل أوله المربية في الروضة والتي تتمثل بالتجاهل والإهمال لأفعالها، في الوقت الذي تبدي فيه أوله الود والاهتمام لبقية الأطفال، فحين تنتقد ليلي أم زميلتها سيلا، وتقول أن تسريحة شعرها قبيحة وتشبه الرجال، تتجاهل أولة فعلها،في حين تحتضن سيلا وتتعامل معها بود مفرط، تستمر ليلي كذلك إذ تنتقد رسما لأم توك، هكذا تنتقل المربية إلى ردة فعل أكثر قوة، إذ تستخدم العقاب ( سجادة التفكير)، وهو عقاب يفرض نوعا من العزلة الإلزامية على الشخص، فيتكور على ذاته، ويفكر أكثر بما قال وفعل.

سجادة التفكير بين العزلة والجنوح:
تعرضت ليلي لعقوبة الجلوس على سجادة التفكير، حيث عاقبتها المربية في الحضانة بعد أن وجهت ليلي الإساءة إلى زملائها،سجادة التفكير كانت بالنسبة لها مساحة للجنوح أكثر منها مساحة للتفكير،فقد صارت تفكر في نفسها لو أن هذه السجادة تتحول إلى بساط ريح طائر يذهب بها بعيدا عن هذا المكان بكل ما فيه،كذلك فقد كان الضحك حالة هستيرية تخرج من خلالها إحساس مرتبكا بين الشعور بالذنب و رفض حالة الانعزال التي فرضت عليها،ولقد تكرر بحث ليلي عن حلول فردية لما تواجهه من ردات فعل سلبية، حيث تجاهلها الزملاء خلال الرحلة إلى الغابة،ففي حين قالت المعلمة لهم :( سيروا اثنين اثنين) ، سار ثلاثة معا، وتركوا ليلي تمشي وحيدة،ويرد الصدى عليها أصواتا مختلفة،فإذ تقول أقلام يرد الصدى أحلام، وعندما تقول سوداء يرد الصدى حمقاء.

رسائل جميلة وردود دافئة:
تضل ليلي مسيرها في الغابة، وتتخيل أنها دخلت بلاد الحمقى، أشخاص تعتقد أن بينها وبينهم لغة مشتركة هذا الاعتقاد الأولي، جعلها تلج إلى المكان بود، توددت لصبي صغير في عربة ملونة للأطفال،تبتسم للولد الصغير، فتأتي الأم لها وتناديها بالجميلة، بالمحبوبة، المرحة،و تقول لها أنت لي بلا شك، هذه الكلمات التي سمعتها جعلها تشعر بمحبتهم:( إنهم يحبونني ولكنني حمقاء). وتكرر الأمر ثانية إذ كانت تمسد فرو الكلب الصغير وتحنو إليه، فجاء صاحبه وشكرها، وأضاف، أن الكلب الذي يكره سلاسله لا بد أنه أحبها)، كانت ليديا تعتقد إنها أضاعت الطريق قبل أن تعود وتلتقي ثانية بالسيدة ليديا التي أوضحت لها العنوان الذي هي فيه، وأنه ليس بلدا للحمقى،كانت ليلي على وشك أن تبادر السيدة بكلمات سئية، لكنها عادت ومضغت الكلمات وأخرجت أخرى جميلة لبقة، فلا داعي للفلفل والملح.

ورقة ألومنيوم روح مؤثرة متأثرة:
شعرت ليلي نفسها ورقة ألومنيوم مجعدة، تلك التجعيدات التي تتركها أكف الآخرين حين يطون ورق الألومنيوم بين أيديهم،فقد كانت ليلي تعيش حالة من الارتباك والتداخل كما تلك الورقة التي لا ترى منها إلا لونها الفضي، وقد ذكرت ليلي هذا حين عاقبتها المعلمة بالجلوس على بساط التفكير، (تكومت ليلي كورقة ألومنيوم مجعدة)، وعادت هذه الورقة تشعر نفسها وقد تمسدت ( كويت وترتبت بعد حديثها مع الأم وولدها الصغير، الكلب وصاحبه،والسيدة ليديا، فالإنسان روح متأثرة مؤثرة دوما .

صورة وحكاية:
كانت الكلمات والعبارات المستخدمة في السرد القصصي كلمات سهلة واضحة سلسة، مناسبة ككلمات وألفاظ عن قصة مترجمة، كما أن الصورة والرسوم المرافقة للقصة جاءت كبيرة واضحة، واحتلت صفحات من القصة بشكل منفرد، مقابل عدد قليل من الكلمات، واهتمت الرسوم بتفاصيل الرأس والوجه كمحور هام في القصة، ومركزها، فكل التعابير كانت تظهر في الرأس، وملامح الوجه، مقابل جسد صغير وأيدي وأرجل صغيرة.



تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة